Translate

Wednesday, August 9, 2017

د. عماد جاد - نهائى البطولة العربية نموذج لأزمات العرب - جريدة الوطن - 9/8/2017

تراكمت الأخطاء فى الترتيب للمباراة النهائية فى البطولة العربية لكرة القدم التى استضافتها بلادنا مؤخراً، تراكمت الأخطاء التى وصلت إلى حد الخطايا على النحو الذى أدى إلى المشاهد المأساوية التى رأيناها خلال وعقب المباراة التى جرت بين الترجى التونسى والفيصلى الأردنى. أول الأخطاء تلك التى لم تؤخذ بعين الاعتبار حالة الحساسية الشديدة لدى إدارة وأعضاء فريق الفيصلى تجاه النادى الأهلى المصرى، رغم أن الفريق الأردنى هزم الأهلى فى لقاءين متتاليين على الأراضى المصرية، فرغم أن لقاء دور قبل النهائى جرى تحديد طرفيه بالقرعة، فإن الفريق الأردنى تعامَل مع نتيجة القرعة باعتبارها عملية مقصودة كى يثأر الأهلى لنفسه من الفريق الأردنى، لذلك لم تكن اللجنة المنظمة موفّقة فى اختيار الحكم المصرى إبراهيم نور الدين، كى يدير المباراة النهائية، فيبدو أن الفريق الأردنى تعامَل مع الحكم وفق مقولات الزمالكاوية التى تراه «أهلاوى قح»، لذلك كانت الأعصاب مشدودة للغاية، والتحفّز شديداً تجاه الحكم المصرى الذى تعاملت معه إدارة الفيصلى ولاعبوه على أنه حكم أهلاوى جرى تعيينه للانتقام من الفيصلى الذى هزم الأهلى مرتين، فى الأدوار التمهيدية، وفى الدور قبل النهائى. وثانى الأخطاء أن الحكم المصرى لم يُراعِ هذه الحساسيات ويجتهد لسد الذرائع والابتعاد عن مواطن الشبهات، ففى كرة الهدف الثالث لم يكن موفّقاً على الإطلاق فى ترك لاعب الفيصلى على الأرض ويعطى إشارة بدء اللعب، كما أن الهدف الثالث الذى احتسبه كان من تسلل واضح للعيان، وما كان ينبغى لحكم مثله أن يقع فى مثل هذه الأخطاء، لا سيما فى ضوء الحملة الفيصلية المسبقة ضده باعتباره «أهلاوى» جرى تعيينه للانتقام من فريقهم. ثالث الأخطاء هو حالة الضعف والاهتزاز التى بدا عليها الحكم، وهو يتلقى الإهانات من إداريى ولاعبى الفيصلى بعد احتساب الهدف الثالث فقد تعرّض للضرب والإهانة، ولم يحرك ساكناً، ولم يخرج كارته الأحمر. رابع الأخطاء والخطايا هو تصرّفات وسلوك إدارة وفريق الفيصلى، فقد خرجوا تماماً عن الروح الرياضية، وعن مباراة لكرة القدم وتحوّلوا إلى مصارعين يتسابقون فى ضرب الحكم وسط مشهد هستيرى غير متكرر فى ملاعب كرة القدم، وسرعان ما انتقلت العدوى إلى المدرجات، فقام الجمهور الأردنى بتحطيم مقاعد استاد الإسكندرية، ومنهم من قفز إلى الملعب بعد نهاية المباراة، ليشارك فى حفلة ضرب الحكم. وخامس الأخطاء هو تأخر الأمن فى توفير حماية للحكم، حيث كان ينبغى على الأمن، وبعد أن شاهد مدى التوتر السائد وحالة التحفّز لدى الفريق الأردنى ومشجعيه، أن يتّفق مع الحكم قبل بدء الشوط الرابع والأخير على أن يطلق صافرة نهاية المباراة وهو بالقرب من خط التماس، فيُسرع أفراد الأمن لحمايته من الاعتداء المتوقع، وهو ما لم يحدث.
ما حدث فى نهائى البطولة العربية لكرة القدم يكشف أخطاء وخطايا قاتلة فى الإدارة والتعامل مع الأزمات وحسابات المكسب والخسارة من الفرق العربية مع بعضها البعض، فأخطاء الحكام متكررة ولن تنتهى، فهى أخطاء بشرية لقدراتها حدود، ولأهوائها وجود، وخير مثال على ذلك هدف مارادونا الشهير بيده فى مرمى إنجلترا فى كأس العالم، التى جرت عقب الحرب بين البلدين على جزيرة فوكلاند، لذلك أدخل الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيديو» فى حسم مثل هذه الحالات، بحيث يمكن للحكم أن يوقف المباراة ويتوجّه لمشاهدة الحدث عبر الفيديو ومن جميع الزوايا، وبما أنه اعتمد فإن بمقدوره التراجع عن القرار الخاطئ الذى اتخذه، لذلك لا بد من إدخال الفيديو إلى ملاعبنا فى أقرب فرصة، وتعلم فنون التعامل مع مثل هذه المباريات، لا سيما الحساسة منها، ودرء الشبهات، والشفافية، والاستعداد الأمنى، وأخيراً لا بد من الاستعانة بالفيديو بعد أن أقره الاتحاد الدولى، الذى أحسب أنه سوف يجنّبنا مهاترات ومشكلات وصراعات لا حدود لها حتى فى الدورى المحلى.

No comments:

Post a Comment