Translate

Friday, August 4, 2017

د. عماد جاد - خلايا نائمة فى قلب الدولة - جريدة الوطن - 5/8/2017

لا يمر يوم دون أن نكتشف خلية من خلايا الجماعة التى كانت نائمة فى قلب مؤسسات الدولة المصرية. والغريب والعجيب أن قرارات جمهورية تصدر بتعيين شخصيات فى مناصب مهمة وحساسة ثم نكتشف إما أنهم كانوا أعضاء فى الجماعة ولم يخفوا انتماءهم لها، بل وتفاخروا بذلك، أو أنهم يحملون فكراً منغلقاً ومتشدداً ولهم برامج هاجموا فيها الأديان والعقائد الأخرى. نعم، للجماعة عناصر متعددة الوجوه وتتبع «التقية» وكان لها عناصر فى قلب مؤسسات الدولة المصرية بما فى ذلك الحزب الوطنى، بل ولجنة سياسات الوريث. لكن المفترض، وبعد كل ما فعلت وتفعل الجماعة الإرهابية بحق مصر والمصريين، أن تكون هناك سياسات واضحة وحاسمة فى التصدى للجماعة وعناصرها وحرص شديد على تطهير مؤسسات الدولة من خلايا الجماعة النائمة والعناصر التابعة لها والقريبة منها، وعلى رأسها العناصر الانتهازية التى تلحق بأى نظام وتلك التى ادعت عضويتها فى الجماعة والذين يحملون فكراً متشدداً يمهد الأرضية للجماعة ومستعد تماماً للتعامل معها والتنسيق معها.
اليوم هناك من عيّنه الرئيس فى منصب حساس وبقرار جمهورى وله فيديو يفاخر فيه بالانتماء للجماعة بل ومكتب الإرشاد، هناك من عُين رئيساً لجامعة القاهرة وله تصريحات فى برنامج تليفزيونى يهاجم فيها اليهودية والمسيحية.
أيضاً تأتى جريمة قطع التيار الكهربائى عن صالة ٣ بمطار القاهرة الدولى فى وقت زيارة الوفد الروسى لمراجعة الإجراءات الأمنية فى المطارات المصرية، فالمؤشرات تقول بأن العملية مدبرة وبهدف إفساد زيارة الوفد الأمنى الروسى وإظهار مصر بمظهر الدولة العاجزة عن تأمين المطارات وصيانتها.
السؤال هنا: لماذا يحدث ذلك؟ هل هناك نية لإجراء مصالحة مع الجماعة الإرهابية؟ أم أن هناك تقصيراً فى رصد ومتابعة خلايا الجماعة النائمة وتركهم يعبثون فى قلب مؤسسات الدولة المصرية، بل وإضافة المزيد إلى الموجود حالياً؟
لقد مارست الجماعة لعبة الاقتراب من السلطة وبناء علاقات تسمح لها بزرع خلاياها فى قلب مؤسسات الدولة تمهيداً للانقضاض على السلطة فى اللحظة التى تراها مناسبة، حاولت ذلك مع الملك فاروق، وجمال عبدالناصر، والسادات ثم مبارك، الأخير تصور أنه قادر على توظيف الجماعة لضمان استمراره فى السلطة وتوريثها لنجله، أوهموه بالموافقة وانقضوا عليه فى الثامن والعشرين من يناير بعدما أدركوا أن نظامه بدأ يترنح.
عموماً سقط مبارك ورحل غير مأسوف عليه، ونجحت الجماعة بحكم ما دخلت فيه من علاقات وقامت به من مناورات، فى اختطاف ثورة الخامس والعشرين من يناير بشقيها البرلمانى والرئاسى، وهنا هالنا ما اكتشفنا من خلايا إخوانية كانت نائمة فى قلب مؤسسات الدولة المصرية، اكتشفناها بعد أن حان وقت تنشيطها، فكان العدد الهائل من الخلايا التى كانت نائمة وبعضها كان فى قلب الحزب الوطنى، فى لجنة سياسات الوريث، (هشام قنديل نموذجاً). ومع بدء جلسات مجلس الشعب جرى تنشيط معظم الخلايا التى كانت نائمة، ومع فوز مرسى بمنصب الرئيس تم تنشيط باقى الخلايا لنفاجأ جميعاً بكم هائل من الشخصيات التى كانت تعمل فى مختلف المجالات وفى قلب مؤسسات الدولة، تعلن انتماءها للجماعة وتفاخر بذلك، وتلاشت الفواصل التى كانت تميز بين الجماعة وأحزاب وجماعات سياسية، بل وشخصيات كانت تقدم نفسها باعتبارها منشقة عن الجماعة ومختلفة معها، وفوجئنا بأن الجميع إخوان، ثم ظهر المتحولون الذين كانوا يفاخرون بالانتماء للحزب الوطنى ويعلنون أنهم جزء من التيار الليبرالى وهناك من كان يقول إنه يسارى، فوجئنا بأنهم تحولوا إلى العمل مع الجماعة. وأخيراً انضمت لهم الفئة الانتهازية التى تبحث عن المكاسب وتولى وجهها شطر المصالح. مع سقوط مرسى اختفت هذه الوجوه، منها من هو فى السجون، ومنها من هرب خارج البلاد، ومنها من عاد للنوم مجدداً فى قلب مؤسسات الدولة، فى انتظار العودة والتنشيط من جديد، تمارس دوراً تخريبياً، تعمل على الهدم من الداخل، وهى ظاهرة فى غاية الخطورة لوجودها فى قلب مؤسسات الدولة واطلاعها، بحكم الموقع والوظيفة، على معلومات وتصورات وخطط يجرى تمريرها للجماعة، فضلاً عن الدور التخريبى فى قلب مؤسسات الدولة المصرية، الأمر الذى يجعل المراجعة ضرورية والتطهير مسألة حتمية.

No comments:

Post a Comment