Translate

Friday, August 25, 2017

د. عماد جاد - خطاب مفتوح إلى سيادة الرئيس - جريدة الوطن - 26/8/2017

سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أكتب إليكم هذا الخطاب المفتوح بعد أن حالت حواجز كثيرة دون توصيل المحتوى بشكل مباشر أو غير مباشر، سيادة الرئيس، تعلم مدى الحب الذى يكنه لك غالبية المصريين، فيما عدا فئة محدودة لا تؤمن بالوطن، وتراه حفنة من التراب العفن، سيادة الرئيس أتذكر أننى حينما تشرفت بلقاء سيادتك للمرة الأولى فى أبريل 2011، وتطرق الحديث إلى موقف الأقباط من الثورة وعلاقاتهم الخارجية، وهل يمكن أن يستقووا بالخارج، أتذكر جيداً أننى طلبت الكلمة، وقلت بوضوح إن الأقباط مواطنون مصريون حتى النخاع، يعشقون مصر وترابها، وإنه لا ولاء لهم خارج حدود مصر وإنهم على مر التاريخ، ورغم ما تعرضوا له من ظلم ومعاناة لم يتطلعوا إلى الخارج أبداً، لم يطلبوا حماية من غير مصرى، وإنه لا توجد قطعة أرض على وجه الكرة الأرضية أكثر قداسة من أرض مصر من الناحيتين الوطنية والدينية، وإننى أعرف نفسى باعتبارى مصرياً مسيحياً وليس مسيحياً مصرياً، أى انتمائى الوطنى يسبق انتمائى الدينى، وكان هذا الحديث فى حضور الفريق محمود حجازى، رئيس الأركان الحالى، واللواء محمد العصار، وزير الإنتاج الحربى الحالى، وكل من سعد الكتاتنى، علاء الأسوانى، والصديق معتز الدمرداش.
سيادة الرئيس، قمت بعمل بطولى سجله التاريخ لك بالاستجابة لمطالب المصريين، وقمت بحماية ثورة الشعب، فاستحققت حب المصريين جميعاً على مختلف انتماءاتهم إلا قليلاً، وقد أثبتت الأحداث صدق وأمانة ما ذكرته فى ذلك الاجتماع، الذى دام قرابة سبع ساعات، فقد حُرقت كنائس، وهُدمت بِيَع وقُتل وسُحل أقباط، وجرى تخريب أديرة تاريخية، ولم يصدر عن الأقباط أى رد فعل، بل اعتبروا كل ذلك فداء للوطن، وقال البابا تواضروس الثانى كلمته التاريخية: «وطن بلا كنائس، أفضل من كنائس بلا وطن»، فكانت مقولة رائعة تعادل مقولة سلفه العظيم البابا شنودة الثالث، التى قالها كحكمة خالدة، وهى: «مصر وطن يعيش فينا، لا وطن نعيش فيه»، وأتذكر أننى نقلت لقداسة البابا تواضروس الثانى استغاثة بعض أقباط المنيا بعد فض رابعة بأنهم يتعرضون لتهديدات من قبل الجماعات الإرهابية، ومن ثم يطلبون حضور عدد من دبابات الجيش حتى يشعروا بالحماية والاطمئنان، أتذكر كلمات قداسة البابا فى ذلك الوقت، إذ قال إننى لو طلبت ذلك، فسوف أشتت انتباه الجيش، والأولوية اليوم لحماية البلد وكل الخسائر يمكن تعويضها فيما بعد، المهم الحفاظ على الجيش المصرى، وعدم تشتيت انتباهه.
سيادة الرئيس، تفاءل الأقباط بعهدك وساد بينهم إحساس عام بأن عهدك سيكون عهد سلام وأمن ومساواة، عهد تنتهى فيه معاناة الأقباط وتتوقف سياسات التمييز ضدهم، لذلك نزلوا بكثافة للتصويت لك وتحرير دستور البلاد الجديد، وبذلت الكنيسة جهوداً ضخمة فى شرح حقيقة ما يجرى فى البلاد للعالم الخارجى، وقد حضرت ذلك بنفسى فى حوار قداسة البابا مع أعضاء البرلمان الأرثوذكسى فى «يريفان»، عاصمة أرمينيا، وشهدت جهود مبعوثيه فى نيويورك وعواصم أوروبية.
سيادة الرئيس، اتخذت خطوات شجاعة وغير مسبوقة على طريق بناء دولة المواطنة، والأقباط يتمنون ذلك، لكن يا سيادة الرئيس ما زال الظلم قائماً من قبل عناصر أمنية وتنفيذية لا تزال تعمل وفق عقلية التمييز، تستخدم المتطرفين فزاعة لمنع بناء الكنائس وحرمان الأقباط من الصلاة إلى خالقهم، خالق الكل، الأمر الذى أصاب قطاعاً منهم بالإحباط، وهناك من يستغل ذلك داخل أجهزة الدولة الأمنية ومؤسساتها التنفيذية كى يؤثر سلباً على حب وتقدير الأقباط لك وعلى الإنجازات التى تحققها سيادتك على الأرض فى كافة المجالات.
سيادة الرئيس، أكتب لكم هذا الخطاب المفتوح بعد أن عجزت عن توصيله بطرق مباشرة وغير مباشرة، أرجوك تدخل لإنهاء معاناة الأقباط كمواطنين مصريين لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات، يعشقون مصر وترابها الوطنى، ويرون فيك زعامة تاريخية وشجاعة منقطعة النظير فى إرساء أسس دولة المواطنة والمساواة.

No comments:

Post a Comment