Translate

Sunday, August 20, 2017

خالد منتصر - من يملك «الثوابتوميتر» - جريدة الوطن - 20/8/2017

فى لعبة «توم وجيرى» التى يلعبها أحياناً رجال الدين مع المعترضين على جمود الفكر الدينى ومنع الاجتهاد، تتردد كثيراً جملة الثوابت والمعلوم من الدين بالضرورة والنص قطعى الثبوت والدلالة، تسأل رجل الدين أرجوك اكتب لى قائمة بتلك الثوابت وأشر إليها، يهرب ويراوغ، قدم إلى المنيو الذى به كل المعلوم من الدين بالضرورة، لكى أعرف عما تتكلم ويكون بيننا عهد وميثاق وعندما أقابلك شيخى العزيز بعد عشرين سنة وترجع فى كلامك أشهر فى وجهك هذا «المنيو» وأقل لك «انت نسيت ولا إيه؟!»، يقل لك فوت علينا بكرة، دون لى معايير النص القطعى الثبوت والدلالة وأخبرنى هل تلك المعايير ملكك أنت فقط؟، هل هى حكر لفضيلتك؟!، يصرخ فى وجهك هو انت يا فسل تريد الدين لكل من هب ودب!!، أعتقد أن الله قد قال يتفكرون ويعقلون..إلخ، ولم يقل يتأزهرون..!!، الدين لم ينزل لجيتو مغلق، هو قد نزل للناس، والقرآن لم ينزل مشفراً يحتاج إلى رجل دين معه الباسوورد، الدين نزل للناس والنداء كان للناس وليس لكلية أصول الدين أو قسم الحديث!!، الحافظ المردد الببغاء يقاوم بل ينكل بالعاقل الناقد المتسائل، المكفر يذبح المفكر، سهم المؤلفة قلوبهم كان نصاً قطعى الثبوت والدلالة، لكن عمر بن الخطاب لأنه فهم دلالته المتغيرة ولم يكن الفقهاء الذين أمموا الفكر الإسلامى قد ظهروا بعد فإنه اجتهد ولم يطبقه بعد أن انتفت الحاجة إليه، وجود الرق كان فى نصوص قطعية ولم يحرم بنصوص قطعية والقول بأنه قد ضيق عليه أو تم التشجيع على تحرير العبيد يثير تساؤلاً أكبر وأعمق وهو لماذا لم يحرم بنص واضح؟، وهل الخمر أخطر من العبودية والتسرى بملك اليمين حتى تحرم الأولى بوضوح ولا تحرم الثانية ويظل مشايخنا تائهين فى التبرير، حيارى فى التمرير لتلك الأفكار!!، لم يسألوا نفسهم عن دلالة التدرج العبقرى فى تحريم الخمر وحبسوا أنفسهم فى قمقم أن التدرج لا بد أن يكون فى زمن التنزيل فقط!!، الله قد أرسل لنا رسالة بهذا التدرج مفادها أن التغير هو الثابت الوحيد ولا بد من التفاعل مع الزمن وأن نمط الاقتصاد وقت ظهور الإسلام كان يحتاج إلى هؤلاء الرق ثم بتغير نمط الإنتاج لا بد أن تتمرد، أيها المسلم، على فرض هذه التجارة البشعة، تجارة الرقيق، وتكون طليعة المانعين الرافضين لها ولا تنتظر وثيقة الأمم المتحدة لكى تجبرك على ذلك وأنت ما زلت متمسكاً بذيل جلباب أبيك الشيخ الذى يصرخ فى وجهك أنها الثوابت يا ناقص العقل، تركنا دلالة الرسالة وأمسكنا بتفاصيل نوعية الورق ولون الحبر!، رجل الدين ما زال مصراً على أنه صاحب جهاز قياس الثوابت، والسؤال من الذى اخترع واحتكر هذا «الثوابتوميتر» وما وحدة قياسه؟!، هل هى الريختر أم الفيمتوثانية؟، هل شحن هذا الجهاز يتم عن طريق زمن العنعنة، أم عن طريق زمن المعمل واللاب توب وسفن الفضاء؟!!!، هل هناك جهاز سى أى إيه إيمانى مشايخى يراقب تلك الثوابت التى إذا اجتهدنا فيها يُلقى بنا فى جوانتنامو الازدراء؟؟!.

No comments:

Post a Comment