Translate

Tuesday, August 29, 2017

د. عماد جاد - المعونات واستقلال القرار (2) - جريدة الوطن - 30/8/2017

ذكرنا أمس أن الرئيس السادات، وبفعل علاقاته مع الولايات المتحدة وبدء تدفق المعونات الأمريكية على مصر، أطلق مقولته الشهيرة إن «الولايات المتحدة تمتلك 99% من أوراق اللعبة فى الشرق الأوسط». وبدا واضحاً أنه كلما سارت مصر فى طريق تنفيذ السياسة الأمريكية فى المنطقة وتوسيع إطار التطبيع مع إسرائيل، حصلت على ما تريد من واشنطن، والثمن كان فقدان هامش الاستقلالية الذى تتمتع به السياسة الخارجية المصرية فى المنطقة. حافظ «مبارك» على سياسة التبعية للولايات المتحدة وتبنى رؤيتها بالكامل إلا قليلاً، واستمر الحال كذلك إلى أن وقعت اعتداءات الحادى عشر من سبتمبر 2001 وتبنى إدارة جورج بوش الابن سياسة الشرق الأوسط الجديد ثم الفوضى الخلاقة، وإذا كانت واشنطن قد احتاجت مصر فى غزو أفغانستان ثم العراق، فإن التسليم العربى العام بدور واشنطن فى المنطقة ثم الانفتاح العربى على إسرائيل وطرح مبادرات السلام والاتصال الفلسطينى المباشر بواشنطن، دفع الأخيرة إلى تقليص مساعداتها تدريجياً لمصر فقد كثر عدد من تطوع لخدمة السياسة الأمريكية فى المنطقة، كما أن إسرائيل اشتكت بمرارة من تصاعد قوة الجيش المصرى بفعل برنامج المعونات والمساعدات العسكرية الأمريكية لمصر. لذلك كان عام 2004 هو عام آخر زيارة لمبارك إلى الولايات المتحدة. وجاء باراك أوباما عام 2009 حاملاً سياسة تغيير نظم الحلم فى الشرق الأوسط، وتبنى مع إدارته رؤية إحلال قوى الإسلام السياسى محل النظم القائمة فى عدد من الدول العربية الجمهورية مثل مصر، تونس، ليبيا، سوريا واليمن، ولذلك اتبع سياسة التضييق على هذه النظم والتشهير بها عبر ملفى حقوق الإنسان والتطور الديمقراطى، وبدأت الاتصالات المباشرة مع التنظيم الدولى للجماعة، وتم خلال هذه الاتصالات التفاهم على دعم واشنطن لهذه الجماعات فى الوصول إلى السلطة مقابل حماية ورعاية المصالح الأمريكية فى المنطقة من ناحية، والعمل على التسوية السلمية للقضية الفلسطينية من ناحية أخرى، وهنا طرحت فكرة تطبيق خطة الجنرال الإسرائيلى جيورا أيلاند للتسوية فى المنطقة وفق مبدأ تبادل الأراضى، وفى إطاره تعهدت الجماعة بتجنيس أكبر عدد من الفلسطينيين بالجنسية المصرية، وتقديم نحو ألفى كيلومتر مربع من أراضى شبه جزيرة سيناء لتوسيع قطاع غزة جنوباً فى رفح والعريش مقابل حصول مصر على نحو مائتى مليار دولار من صندوق تعويضات دولى تسهم فيه دول العالم المتقدم ودول الخليج الغنية مع تعويض مصر بمساحة معادلة من صحراء النقب.
سارت الخطة ووصلت الجماعة إلى السلطة وبدأ التحرك لتنفيذ المخطط ومعه تفتيت الكيانات الكبيرة فى المنطقة وعلى رأسها مصر والسعودية، مع تسهيل عملية سيطرة الجماعة على دولة خليجية غنية حتى يمكنها الإنفاق على خططها الإقليمية، وقد وقع الاختيار على دولة الإمارات العربية المتحدة. سار المخطط ووقعت مصر فى الفوضى وسقطت ليبيا فى يد الجماعات، وتمزقت سوريا، ودخل اليمن فى حرب أهلية، ثم ثار الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو وأطاح بحكم المرشد والجماعة ومعهما المخطط الأمريكى للمنطقة بالكامل، فتبدل الحال وبدأت واشنطن فى سياسات عقابية للنظام الجديد فى مصر، وكانت البداية بوقف الأسلحة والمعدات السابق التعاقد عليها وتقليص المساعدات الاقتصادية والتلاعب بالمساعدات العسكرية.
وللحديث بقية

No comments:

Post a Comment