Translate

Monday, December 11, 2017

د. عماد جاد - زيارة «مايكل بنس» - جريدة الوطن - 11/12/2017

أشاع نائب الرئيس الأمريكى مايكل بنس أن زيارته خلال هذا الشهر لمصر سوف تركز بالأساس على مناقشة أوضاع الأقباط فى مصر وحقوقهم، وأنه سوف يناقش هذا الموضوع مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومع الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، ومع قداسة البابا تواضروس الثانى، وبدأت بعض الأجهزة المصرية تتحسس الأمر وتسعى لمعرفة ماذا يمكن أن يقول كل من سيلتقى نائب الرئيس الأمريكى. وجاء قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ليثير حالة من الغضب الشعبى العارم فى العالم العربى، وخرجت مظاهرات فى مصر احتجاجاً على هذا القرار المخالف لقرارات الشرعية الدولية، هنا قرر الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الاعتذار عن عدم استقبال نائب الرئيس الأمريكى، وبعده بساعات أصدرت الكنيسة الأرثوذكسية بياناً يعتذر فيه قداسة البابا عن عدم استقبال نائب الرئيس الأمريكى بسبب قرار الرئيس الأمريكى بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، جاء هذا القرار رغم أن نائب الرئيس أثار جلبة حول هدف الزيارة، وهو بحث أوضاع المسيحيين فى مصر، وحقوقهم. وفى تقديرى أن قرار البابا تواضروس الثانى بعدم استقبال نائب الرئيس إنما يمثل استمراراً للخط الوطنى الذى تتبعه الكنيسة الأرثوذكسية منذ قرون عديدة، وهو الدفاع عن الهوية الوطنية والعمل على تسوية ما تتعرض له من مشاكل على أرضية وطنية، فلم تنحز يوماً لأجنبى رفع شعارات دينية مسيحية، ولا تجاوبت مع مطالب تدخل خارجى للحماية أو الدعم، فأقباط مصر مصريون حتى النخاع، ولا ولاء لهم خارج حدود الوطن، ولا توجد قطعة أرض فى الدنيا أكثر قداسة بالنسبة لهم من أرض مصر لاعتبارات وطنية متجذرة فى الوجدان ولاعتبارات دينية أيضاً، حيث قضى السيد المسيح ثلاث سنوات ونصف السنة فى ضيافة المصريين هرباً من هيرودس الملك، الذى كان يسعى إلى قتله عندما كان طفلاً صغيراً، كما أن السيد المسيح بارك مصر وشعبها «مبارك شعبى مصر»، لكل ذلك نقول إن قرار البابا تواضروس الثانى بفض مقابلة نائب الرئيس الأمريكى، الذى سيزور البلاد قرب نهاية هذا الشهر، وعقب قرار مماثل للأمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن اللحمة الوطنية المصرية بخير، وتشدد فى الوقت نفسه على ضرورة التعامل بجدية مع المشاكل التى يعانى منها الأقباط على أرضية وطنية خالصة، ولا تعطى فرصة لأطراف خارجية للتدخل فى الشئون الداخلية لبلادنا بذريعة حقوق الأقباط أو غيرها من الذرائع التى تتعلق بقضايا العلاقة بين أبناء الشعب المصرى. قرار الأزهر ومن بعده قرار الكنيسة القبطية برفض استقبال نائب الرئيس الأمريكى يمثل أبلغ رد على محاولات الوقيعة بين المصريين، وعلى المشككين فى مواقف الأقباط أو الكنيسة المصرية، فهناك شخصيات كانت تعمل فى أجهزة أمنية حاولت استغلال زيارة نائب الرئيس الأمريكى للتشكيك فى مواقف شخصيات مصرية قبطية كانت تنتقد أوضاعاً سلبية فى البلاد، وتدعو لحلها على أرضية وطنية، واليوم يفترض أن يسقط مثل هذا الخطاب نهائياً ونسعى لبناء دولة مدنية حديثة تستند إلى المواطنة والمساواة، ونكون دولة قانون وأن تهتم المؤسسات والأجهزة الأمنية بصلب ما يدخل فى اختصاصها، وأن تتراجع عن التدخل فى ملفات هى بطبيعتها مدنية وقانونية، وسيكون ذلك بداية الإصلاح الحقيقى المؤجل حتى الآن.

No comments:

Post a Comment