Translate

Sunday, December 3, 2017

أحمد المسلمانى - لا تزعج عدوك عندما يرتكب خطأً - جريدة الوطن - 3/12/2017

(1)
«الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فى الطريق إلى حرب كبرى».. إنّه عنوان مقال نشرته الصحف الروسية لمحلل سياسى بارز.. يتحدث عن «الحرب المقبلة».. وعن «موقف روسيا».
جاء فى المقال -حسبما نشر موقع روسيا اليوم: «يمكن القول -بدرجة كبيرة من الثقة- بأن حرباً مشتركة ضد إيران سوف تفجِّر الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.. وربما تنتشر إلى المناطق المجاورة. ستكون معركة مذهبية مفتوحة بين السنة والشيعة».. «ستجد روسيا نفسها أمام خيارين: الانزلاق إلى حرب جديدة طاحنة تهدد بخسائر باهظة، وغير واعدة بالنسبة لروسيا.. أو أن تقطع روسيا الصلات مع حلفائها السابقين فى إيران وسوريا.. ومتابعة ما يجرى بهدوء».
(2)
إن دوائر القرار ومراكز التفكير الأمريكية والروسية على السواء.. تتحدث عن الحرب الأهلية الإسلامية المقبلة.. عن تلك الحرب التى جرى التمهيد لها بدعم متطرفى الشيعة والسنة منذ نهاية السبعينات.. لنصل إلى «الانفجار الكبير» فى الوقت الراهن.
كانت الحروب فى الماضى تقوم على «السرية» فى صناعة المؤامرات وفى إدارة المعارك. كان كل شىء «سرياً».. كل الخُطط والقرارات فى جُنح الظلام.. لا شىء معلن.. إنها المفاجأة التامة.. مباغتة العدو.. بالسيوف والرصاص.
إنَّ «الحرب الكبرى المقبلة» فى منطقتنا.. ليست كذلك. لا مؤامرات سريّة.. ولا خُطط فى الغرف المغلقة.. لا شىء تحت الأرض.
الحرب المقبلة هى حرب مذهبية داخل الإسلام.. السنة والشيعة.. انتهت الخُطط.. لا شىء آخر.
(3)
ثمة كتب ودراسات ومقالات وبرامج.. كمٌّ هائل من المعلومات والتحليلات فى الغرب تتحدث عن الحرب الكبرى المقبلة بين السنة والشيعة.
إنّه ليس توماس فريدمان أو فريد زكريا.. ليس هنرى كيسنجر ولا صمويل هنتجنتون.. فحسب.. إنهم مفكرون ومحللون من كل دول أوروبا.. وبعض دول آسيا.. جميعهم يتحدث عن «المؤامرة المفاجأة».. دفع العالم الإسلامى إلى حرب بين السنة والشيعة.
لقد جرى تجهيز المسرح تماماً.. تم دعم الشيعة المتطرفين فى كل مكان من إندونيسيا إلى نيجيريا.. وتم دعم السنة المتطرفين فى كل مكان.. من «القاعدة» إلى «بوكوحرام».. الآن نصل إلى نهائيات كأس التطرف.. إلى المعركة الأخيرة فى سباق الشر.. إلى حرب تطال معظم بلاد المسلمين دماءً ونيراناً.. وتطال الجميع فكراً وإعلاماً.
(4)
السؤال هنا: هل يمكن إيقاف مؤامرة نراها أمامنا رأى العين؟ هل يمكن وقف سقوط العربة من فوق الجبل؟.. هل يمكن إنقاذ الحافلة من الغرق؟
كل الإجابات تقول: لا.. لن يوقف الدمار المقبل أحد.. لأن هناك صناع الدمار.. الذين يعملون آناء الليل وكل النهار.
الكل يتحدث الآن.. عمّا يمكن عمله أثناء الحرب.. ماذا ستفعل روسيا.. هل تنزلق هى الأخرى.. أم تبيع الحرب وأطرافها؟
إن أمّتنا ترتكب أكبر أخطائها.. ولا يحتاج أعداؤنا إلى فعل شىء.. نحن نفعل ما يكفى ويزيد. كان نابليون بونابرت يقول أثناء معركته مع النمسا 1805: لا تزعج عدوك أبداً عندما يرتكب خطأً. إنهم الآن لا يزعجوننا. نحن الذين يجب أن نزعج أنفسنا.. حتى لا نمضى فى هذا الخطأ.
إننى واحدٌ ممن ينتمون إلى مدرسة الأمل.. إنَّ السياسة هى فن الممكن.. أقول بوضوح: لا يأس. ثمّة عقلاء من المسلمين قادةً ومفكرين.. يمكنهم إنقاذ الأمة من حافة الهاوية.
يمكن ألاّ تقع هذه الحرب.. يمكن أن نتجاوز أزمتنا ومشكلاتنا.. وأن نرمِّم أنفسنا.. ونعيد بناء مكانتنا.
فى القرن الحادى والعشرين.. يمكن منع الحرب الكبرى.. فى القرن الحادى والعشرين.. لا تزال الحضارة ممكنة.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر

No comments:

Post a Comment