Translate

Sunday, December 10, 2017

د. عماد جادالقدس.. ما العمل؟ (3) - جريدة الوطن - 10/12/2017

قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل هو قرار دولة لا يمكن أن يغير من الطبيعة القانونية لمدينة القدس الشرقية كمدينة محتلة بقوة السلاح وصدرت بشأنها عدة قرارات من مجلس الأمن الدولى تعلن بطلان كل الإجراءات التى تتخذها القوة القائمة بالاحتلال فى مدينة القدس، لكن قرار الرئيس الأمريكى هو فى الوقت نفسه أكبر من قرار دولة عادية، فهو قرار القوة العظمى الأولى فى العالم، ليس هذا فقط بل هو قرار الدولة الوحيدة التى بمقدورها الضغط على إسرائيل، والتى سبق للقادة العرب أن أعلنوا أن بيدها 99% من أوراق الحل، قالها السادات ورحل وسار خلفه القادة العرب الذين سبق واتهموه بالخيانة. خطورة قرار الرئيس الأمريكى أنه يجذب دولاً صغيرة ومتوسطة للسير فى نفس الاتجاه، وهو ما فعلته عدة دول منها التشيك والفلبين.
قرار الرئيس الأمريكى لا يواجه بالغضب وحده، بل بالعقل أيضاً، وهو ما شهدناه فى الجلسة الخاصة التى عقدها مجلس الأمن الدولى أمس الأول، الجمعة، حيث أقرت الدول الأعضاء فى المجلس، عدا الولايات المتحدة، بأن مدينة القدس مدينة محتلة، وأعلنت الدول الأعضاء جميعها رفض القرار الأمريكى، بل وسارت دول أوروبية ولاتينية أبعد من ذلك واتهمت الولايات المتحدة بأنها تشعل المنطقة.
أدت هذه التطورات إلى تصريحات أمريكية تبدى استعدادها للدخول فى مفاوضات بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى للحل النهائى على أساس حل الدولتين، وفى تقديرى أن ما جاء على لسان الرئيس الأمريكى، وهو يعلن القدس عاصمة لإسرائيل ينطوى على استعداد لبدء مفاوضات الوضع النهائى، وأن الأمر متروك للجانبين فى المفاوضات، ومن ثم يمكن للقادة العرب الذين يحتفظون بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة وترامب شخصياً أن يضغطوا للبدء فوراً فى مفاوضات الوضع النهائى من آخر نقطة توقفت عندها مفاوضات كامب ديفيد الثانية فى يوليو من عام 2000، وهى قضية القدس، حيث طرح تقسيم المدينة ليذهب كل ما هو يهودى إلى إسرائيل (وهنا نتحدث عن الحى اليهودى فى القدس الشرقية) وكل ما هو دون ذلك إلى الدولة الفلسطينية، ومن ثم تستعيد فلسطين القدس الشرقية عدا الحى اليهودى، أما الأماكن المقدسة فقد وضع لها نظام خاص، سواء تحت إشراف دولى أو إدارة مشتركة من أصحاب الديانات الإبراهيمية الثلاث.
لكن علينا أن ندرك أن لا حركة قبل إنهاء الخلافات الفلسطينية تماماً وإنهاء التنازع على الصلاحيات فى قطاع غزة والانتهاء من قضية سلاح «المقاومة» الذى بحوزة الفصائل الفلسطينية، فهذه قضايا سوف تستغلها إسرائيل، وتقول إنها لا تريد «حزب الله» آخر إلى جوارها فى الدولة الفلسطينية الوليدة، والتى تتمسك إسرائيل بأن تكون منزوعة السلاح.
فى تقديرى أن قرار ترامب وردود الفعل الدولية وجلسة مجلس الأمن الدولى، وردود الإدارة الأمريكية، كل ذلك يقول إن هناك فرصة سانحة لبدء مفاوضات للتسوية النهائية فى إطارها يتحدد مستقبل مدينة القدس، أما الانتظار والاكتفاء بالرفض والشجب والإدانة فهو أسلوب قديم أدى إلى ضياع غالبية أرض فلسطين، فعليكم أن تعلموا أن المفاوضات تدور حالياً حول استرداد نصف المساحة التى خصصها قرار التقسيم الذى صدر عام 1947 ورفضه العرب.

No comments:

Post a Comment