Translate

Monday, December 18, 2017

د. عماد جاد - الداخل الفلسطينى أولاً - جريدة الوطن - 18/12/2017

استغلت إسرائيل حالة الانقسام الفلسطينى وتحديداً بين حركتى فتح وحماس، كى تعلن على الملأ عدم وجود شريك فلسطينى للسلام، وأن محمود عباس لا يسيطر على القرار الفلسطينى ولا يبسط سيطرته على قطاع غزة. ومعروف أن الانقسام الفلسطينى يسبق سيطرة حركة حماس على قطاع غزة وسلخه عن السلطة الوطنية عام 2007، فهذا الانقسام يعود إلى بداية القضية الفلسطينية وتفجر بوضوح مع اندلاع الانتفاضة الكبرى عام 1987، حيث تشكلت حركة حماس بعد اندلاع الانتفاضة بشهر فى ديسمبر عام 1987، والادعاء بأن الحركة هى التى فجرت هذه الانتفاضة، ودخلت فى منافسة مع اللجنة الوطنية الموحدة لقيادة الانتفاضة على النحو الذى أضر بالعمل المقاوم أبلغ الضرر، وعندما وقع الراحل ياسر عرفات اتفاق أوسلو فى سبتمبر 1993 والذى بموجبه تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية وبدأت إسرائيل فى سحب قواتها من بعض الأراضى الفلسطينية وتحديداً المنطقة (أ)، شنت حركة حماس سلسلة عمليات انتحارية داخل المدن الإسرائيلية لوقف أوسلو مؤكدة أن فلسطين من البحر المتوسط إلى نهر الأردن أرض وقف إسلامى لا يجوز التفريط فى شبر منها. نجحت الحركة فى وقف تنفيذ اتفاق أوسلو، وفى المقابل نجح اليمين الدينى الإسرائيلى فى قتل رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين، فتوقفت العملية تماماً، بل عادت إسرائيل بعد فشل قمة كامب ديفيد الثانية فى يوليو من عام 2000 إلى احتلال الأراضى التى سبق أن انسحبت منها بموجب اتفاق أوسلو.
حاولت مصر بالتنسيق مع الأردن والرئيس الفلسطينى محمود عباس توحيد الصف لفلسطينى لبدء مفاوضات حقيقية للوضع النهائى وفق آخر نقطة توقفت عندها المفاوضات فى يوليو من عام 2000، وهى انسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من يونيو 1967 مع اعتماد مبدأ تبادل محدود للأراضى بنفس المساحة ودرجة الجودة. وبالنسبة لمدينة القدس تم الاتفاق على أن تضم إسرائيل الحى اليهودى من المدينة وتكون باقى المدينة عاصمة الدولة الفلسطينية مع وضع ترتيب خاص لإدارة الأماكن المقدسة للديانات الإبراهيمية الثلاث. وهو ما حال الانقسام الفلسطينى دون حدوثه، فقد رفضت حركة حماس كل الأفكار المطروحة إلى أن دخلت انتخابات 2006 وفازت بغالبية المقاعد وتشكلت حكومة وحدة وطنية ثم انقلبت حماس عليها وسيطرت بقوة السلاح وعبر التنسيق مع تركيا وقطر ومكتب الإرشاد فى القاهرة، على القطاع ومنذ ذلك الوقت تواصل الانقسام رغم المحاولات المصرية المتكررة لرأب الصدع. وفى يونيو الماضى أقر خالد مشعل فى آخر خطاب له كرئيس للمكتب السياسى للحركة بحل الدولتين وبقبول دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، أى الأسس التى قامت عليها عملية أوسلو واغتالتها حركة حماس عبر العمليات الانتحارية المتتالية فى عمق المدن الإسرائيلية، فلماذا تمت إضاعة كل هذا الوقت وجرى تمكين قوات الاحتلال من التهام المزيد من أراضى القدس والضفة الغربية؟
اليوم، وبعيداً عن السجال بين طرفى الانقسام، فقد استغل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الموقف وأعلن الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل وأصدر أوامره التنفيذية ببدء بناء السفارة الأمريكية فى القدس. ردود الفعل العربية لم تغير من موقف ترامب قيد أنملة، ولن تغير إلا إذا جاءت وفق رؤية شاملة تبدأ بتوحيد الموقف الفلسطينى وتفويض السلطة فى التفاوض، وطرح مبادرة للتسوية الشاملة من آخر نقطة توقفت عندها المفاوضات بين الطرفين، وتحديداً ما طرح فى كامب ديفيد الثانية فى يوليو من عام 2000، وأن يكون التحرك سريعاً لأن كل ساعة تمر تصب فى مصلحة إسرائيل وتثبت فيها ما يرفضه العرب اليوم مدركة أنهم سوف يطالبون به غداً ولن يجدوه، فهل يتعلم العرب والفلسطينيون من درس التاريخ القريب للصراع ويحافظون على ما تبقى من أرض فلسطين؟

No comments:

Post a Comment