Translate

Sunday, December 3, 2017

د. عماد جاد - توطين الفلسطينيين - جريدة الوطن - 4/12/2017

أثار حديث وزيرة العدالة الاجتماعية الإسرائيلية عن توطين الفلسطينيين فى شبه جزيرة سيناء غضباً شديداً فى الأوساط المصرية، ودفع الرئيس الأسبق حسنى مبارك، كى يخرج عن صمته وينفى بكل شدة ما ورد فى تقرير لتليفزيون بى بى سى العربى بأنه قد سبق ووافق على فكرة التوطين من خلال مفاوضات مع واشنطن وتل أبيب، خرج الرجل ليقطع بأنه لم يتنازل عن شبر واحد من أرض مصر، وأنه رفض مجدداً مناقشة الموضوع مع رئيس الوزراء الإسرائيلى فى ذلك الوقت، وهو الحالى بنيامين نتنياهو.
وهنا علينا أن نميز بين وجود مخطط لتوطين الفلسطينيين على جزء من شبه جزيرة سيناء، وبين طرح الفكرة على «مبارك» ومدى تقبله لها، ما نعرفه جيداً أن هناك خطة وضعها فى أواخر تسعينات القرن الماضى الجنرال إيجورا أيلاند، الذى كان يشغل منصب المستشار الأمنى لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، هذه الخطة تقوم على فكرة الحل الإقليمى عبر تبادل الأراضى بين مصر، وفلسطين، وإسرائيل والأردن، وخلاصة الخطة أن تمنح مصر مساحة 2000 كيلومتر مربع (ألفى كيلومتر مربع) من أرض سيناء للفلسطينيين، وذلك عن طريق توسيع قطاع غزة جنوباً وبمحاذاة ساحل المتوسط، فتكون عبارة عن شريط ساحلى بطول ساحل المتوسط، وتكون هذه المنطقة هى الدولة الفلسطينية الوليدة، التى سوف تضم لها مساحة إضافية إلى الشرق من قطاع غزة، أى من صحراء النقب، لتصل المساحة الإجمالية للدولة الفلسطينية الوليدة إلى ما يعادل المساحة التى احتلتها إسرائيل فى الخامس من يونيو 1967، وهى قرابة ستة آلاف كيلومتر مربع، وفى الوقت نفسه سوف يتم تبادل جزء صغير من الأرض بين الأردن وإسرائيل، أما مصر، فسوف تحصل بموجب هذه الخطة على ما يعادل المساحة التى سوف تتنازل عنها للفلسطينيين من صحراء النقب مع تعويض مالى يقدر بنحو مائتى مليار دولار، وورد فى خطة أيلاند أن هذه الأموال ستكون مهمة للغاية لمصر من أجل تسديد الديون وتوفير احتياجات سكان مصر المتزايدة.
هذه الخطة طرحت بالفعل على «مبارك» ورفضها بشكل قاطع، وربما يكون مشروع الفوضى الخلاقة، وهدم نظم الحكم فى المنطقة والتضييق الاقتصادى على مصر وضرب مصادر الدخل القومى إحدى أدوات تنفيذ ما يسمى بصفقة القرن لتسوية القضية الفلسطينية، لذلك لم يكن مستغرباً أنه وبحلول ذكرى صدور وعد بلفور أن تعد المحطة الإنجليزية ما تقول إنه فيلم وثائقى عن صفقة تبادل الأراضى المستندة إلى خطة إيجورا أيلاند، وأن يثير ذلك بلبلة فى مصر، لا سيما بعد تدخل السودان، وإثارة قضية حلايب وشلاتين، والضغط على مصر بقضية مياه نهر النيل.
فى تقديرى أن مخطط حل القضية الفلسطينية على حساب مصر لم يسقط بعد، وأن الضغوط سوف تتزايد على مصر فى الفترة المقبلة من أجل إيجاد نقطة نفاذ، لطرح الخطة والتباحث حولها، وفى تصورى أن الضغوط الاقتصادية والتمزيق السياسى يمثلان المدخل الرئيسى فى الفترة الحالية والمقبلة لإبرام صفقة القرن، وهو ما ينبغى أن نعيه جميعاً فى الفترة المقبلة.

No comments:

Post a Comment