Translate

Wednesday, April 12, 2017

خالد منتصر - «باركنسون» هزم «كلاى» وانتحر بسببه «ويليامز» - جريدة الوطن - 12/4/2017

العالم يحتفل باليوم العالمى لـ«الباركنسون»، وفى كل احتفال لا أستطيع إلا أن أتذكر البطل الرياضى محمد على كلاى وعبقرى التمثيل روبين ويليامز، لنبدأ بمحمد على كلاى، فهو اسم له سحر خاص فى مصر منذ أن زارها وقابل زعيمها «ناصر» وصلى فى أحد مساجدها، لذلك أصابنا جميعاً الحزن حين أصيب بمرض الشلل الرعاش سنة 1984 وفى سن الثانية والأربعين، عرفنا أنها أخطر جولة على حلبة الحياة، تأكدنا ساعتها أنها المباراة الوحيدة التى سيدخلها «كلاى» وهو متأكد أنها ستُحسم بالضربة القاضية، الفتى الرشيق الذى يلسع كالنحلة ويقفز كالفراشة صار يرتعش كالخائف العارى تحت المطر والصقيع، قال له الأطباء إنها ضربات ولكمات الرأس التى كان يتلقاها «كلاى» من خصومه، كان كمحترف لا يستطيع ارتداء الخوذة، فالملايين التى يتقاضاها المحترفون تقتضى شروطاً لجذب المتفرجين المتعطشين لمشاهدة عنف بدائى خام دون حماية خوذات، بدأت الأعراض البسيطة تباغته منذ اعتزاله 1981، لكنه لم يُشخص إلا بعدها بثلاث سنوات، عندما بدأت الرعشة وبدأت صعوبة الكلام، بدأ «كلاى» يتحرك ببطء، خضع للعلاج ولكنه كان علاج التأجيل لا الشفاء، عندما تخشب وتجمد جسد «كلاى» هاجمه الاكتئاب وقبلها كان يعانى صعوبة فى النوم، ظهر هذا جلياً فى حفل تنصيب «أوباما» الذى حضره ولم يحضره، فقد حضره شبحاً ولم يحضره وعياً وكاريزما، لم يستطع محمد على كلاى إلقاء أى كلمة على الجمهور الحاضر الذى كان متعطشاً لحديثه، ما زال هذا الجمهور محفوراً فى ذاكرته خطابه أمام المحكمة عندما رفض التجنيد فى حرب فيتنام، حين حبس العالم أنفاسه انتظاراً لإجابة سؤال من الذى سينتصر فى هذه الملاكمة التاريخية، «جونسون» أم «كلاى»؟، ما زالت صورة «كلاى» فى الأذهان هى صورة البطل القوى الرشيق الذى جعل من الملاكمة فناً وأسطورة، وظل البطل يحارب فى أطول مباراة ملاكمة فى التاريخ على حلبة الباركنسون الشرس، الخصم الذى قهر «كلاى».
أما روبين ويليامز فقد اعترفت زوجته بأنه كان مريضاً بمرض باركنسون فى بداياته، وهذا ما دفعه للانتحار، لم يحتمل هذا الفنان المرهف الحس أن يصمت حياً ويخرس جسده وهو ممثل الطاقة والحركة والانطلاق والبهجة والمرح، المدهش أن روبين ويليامز كان قد جسد فى فيلم «Awakenings» دور طبيب اكتشف دواء للشلل الرعاش، تمت تجربة الدواء على مريض شاب فى المصحة دخل فى غيبوبة طويلة، جسد دور المريض الممثل العبقرى روبرت دى نيرو، الفيلم ينتهى بندم المريض على خروجه من الغيبوبة وإحساس الطبيب بالذنب فهو قد تعامل مع مرض لا مريض واهتم بالانتصار العلمى وليس الانتصار الإنسانى!
يظل السؤال لماذا انتحر روبين ويليامز ولم يترك نفسه ليتواءم مع الشلل الرعاش الذى يتسلل ببطء؟ ودَّعنا منتحراً ليقول كفى، ويضع نقطة فى نهاية سطر حياته التى أسعد فيها الملايين حول العالم، ولكنه أخفق فى تصنيع سعادة سابقة التجهيز تجعله متحملاً لتناقضات هذه الحياة وعبثيتها أحياناً، كان اسمه علامة جودة على أى فيلم حتى ولو كان دوراً مساعداً، كان بالنسبة لى شخصياً قرص دواء سينمائى، ومعزوفة بهجة إبداعية، وغلاف كتاب فلسفة، متألقاً بألوان ملابس المهرجين الحارقة المجنونة! لم أندهش لخبر انتحاره مثلما اندهش الكثيرون، فالكوميديان هو المكتئب الأعظم، والساخر هو الحزين المزمن!.

No comments:

Post a Comment