Translate

Thursday, April 6, 2017

خالد منتصر - مجتمع الفاترينات والأقنعة والكنس تحت السجادة - جريدة الوطن - 6/4/2017

الدرس الذى استفدناه، رجالاً ونساء، أطفالاً وشيوخاً، من رد الفعل الهستيرى تجاه د.منى البرنس أستاذة الأدب الإنجليزى التى رقصت على سطوح بيتها بدون تصريح كتابى، هو افعل فى السر ما تشاء لكن فى العلن لا بد أن ترتدى قناعنا وقَناعاتنا وتصعد على خشبة مسرحنا وتحفظ نصوصنا وحواراتنا ومشاهدنا حتى لو كانت متخلفة، فنحن الجمهور والكتبة، الصالة والخشبة، ولا بد أن تفقد ذاتك وتتبخر ذرات عقلك حتى نرسم كتالوجك الذى على مقاسنا لا مقاسك، اكنسى التراب لكن اخفيه تحت طرف السجادة، نظفى الفاترينة جيداً وانزعى الفيشة واتركى اللحم خلفها ليتعفن، المهم أن الفاترينة براقة ولامعة وتخطف الأنظار وتحلى البضاعة!!، نافق ووافق، افرد شراع قاربك مع الريح حتى لو كانت الريح عكس اتجاهك ووجهتك، اقبل رشوة الطلبة، أعطِ دروساً خصوصية ومارس اللصوصية، بِع مذكرات مضروبة، ارقص على حبال النصب والدجل التعليمى، لكن إياك أن ترقص على السطوح أو تعبر عن فرحك على «فيس بوك»، هزى أركان المجتمع بنشر الفتنة الطائفية، لكن إياك أن تهزى وسطك لتنشرى الفتنة الطربية الروبية!!، الكل سيغض الطرف عن قدرتك المتواضعة فى تدريس اللغة الإنجليزية، لكنهم سيسلطون الأشعة تحت الحمراء لفحص ما تحت جلدك من قدرات إغوائية!!، احشر أنفك فى حياة الناس الخاصة ومارس وسواس هداية البشر والوصاية عليهم من خلال توكيل السماء الإكسكلوسيف، لكن سد أنفك عن روائح قمامة الفساد والمحسوبية والواسطة، اتفرج ليلاً على كل قنوات البورنو التركية وابحث عن فك شفرتها لدى الأكشاك السرية، لكن اجعل تون موبايلك دعاء المنشد سيد النقشبندى وبكاء الشيخ محمد جبريل، تعلم كيف تنتصر فى معركتك الفكرية دون حجة أو دليل أو إقناع، نفذ خطة مصرية عربية فى منتهى البساطة، اتهم خصمك كما فعلوا مع الأستاذة الجامعية، أطلق عليها كوكتيل مولوتوف (انتى ملحدة.. انتى فاسقة.. انتى محرضة على الفجور وعظائم الأمور...انتى المسئولة عن انتشار المخدرات بين شباب الجامعات).. وأعتقد أن الجامعة على وشك إصدار عريضة اتهام للأستاذة بمسئوليتها عن انتشار الجديرى والحصبة والتبول اللاإرادى وارتفاع الأسعار وزنا المحارم!!، اغضب وانفخ شرايين رقبتك حين ترى شعراً مكشوفاً فى الخلاء، غض الطرف وانتفخ زهواً وأنت ترى طفل شوارع مكشوفاً فى الشتاء!!، سافر إلى العمرة عشر مرات كل عام ثم ابحث بعد عودتك كل مرة عمن يمرر شنطة المهربات والمنشطات والممنوعات من الجمرك!!، كان يجب عليك يا مارك يازوكربرج أن تقنن اختراعك وتكتب فى شروط استخدامه ممنوع على مصر والمنطقة العربية فهذه المجتمعات تعانى من مرض أنيميا الصدق وفوبيا الشفافية وسرطان الحشرية وغرغرينة اقتحام الخصوصية!!، مجتمع عادى جداً عنده نشر بوستات بل خطب كاملة عن زواج طفلة السادسة وتكفير المسيحى وقتل البهائى والتحريض على حرق الكنائس وبيان فضل تناول بول البعير، ولكن عند نشر مقطع لرقصة امرأة على سطوح بيتها، ينتفض نفس المجتمع بنفس أفراده ذوى العيون التى كانت مسبلة وهى تشاهد مشاهد التحرش والآذان التى كانت مصغية مستمتعة و«مطرطأة» لخطب التكفير والتحريض، هم أنفسهم الذين يطالبون برفت الأستاذة وسحلها وصلبها وتقطيع أطرافها من خلاف نتيجة خلاف!!، الكل يزايد ويتطهر من خطاياه وآثامه على مذبح تلك المسكينة التى تخيلت أنها فى مجتمع يحترم الحياة الخاصة أو الحياة أصلاً، «علّى صوتك بالغنا.. غصب عنى أرقص.. ينشبك حلمك فى حلمى».. هل كانت مجرد كلمات أغنية راقصة فى فيلم المصير أم كانت نبوءة مجهضة بما سيصير إليه وينتهى به وبنا المصير؟!

No comments:

Post a Comment