Translate

Thursday, April 13, 2017

خالد منتصر - يا وزير التعليم.. مطلوب صياغة وجدان وطنى لا داعشى - جريدة الوطن - 13/4/2017

إذا لم يفلح التعليم فى صياغة وجدان وطنى مشترك للطلبة فهو تعليم داعشى بامتياز، إذا كنا ندرس فى قصة عقبة بن نافع قيم الأممية الدينية من خلال الدم والأشلاء وقطع الرقاب فنحن نشكل وجدانات لا منتمية للوطن ولكنها محتفية بجهاد الطلب الذى صار فى هذا الزمن يحمل اسماً وعنواناً يوصفه القانون الدولى الآن بأنه استعمار!!، أقترح على واضعى المناهج بعض الحكايات التى تعلى من قيمة الوطن وسبيكته الصلبة المكونة من أشقاء الوطن الواحد والتى نحن فى أمس الاحتياج إليها، الحكاية الأولى بطلاها راغب عياد فنان تشكيلى مسيحى، ويوسف كامل فنان تشكيلى مسلم، دفعة واحدة ووجدان مشترك وروح تسرى فى جسدين، تخرجا فى كلية الفنون الجميلة فى أول دفعة، كان طموحهما الفنى بلا حدود، ولدت فكرة تحويل هذا الطموح إلى واقع فى مرسم راغب عياد الذى كان فى الحقيقة مرسم الصديقين معاً، السفر إلى أوروبا وصقل الموهبة كان هو الحلم، ولكن ضيق ذات اليد كان هو الكابوس، فكل منهما مدرس بسيط يتقاضى ملاليم تكفى بالكاد لقمة العيش، اقترح راغب أن يسافر يوسف أولاً ويوفر راغب نفقات السفر والتعلم من عمله مدرساً فى المدرستين بعد موافقة ناظرى مدرسة راغب ويوسف، وسافر يوسف كامل وتعلم وأصبح جبرتى مصر التشكيلى، عاد يوسف ليسافر راغب عياد، تبدلت الأدوار ووفر الأول للثانى من خلال مواصلة الليل بالنهار نفقات بعثته، أعجب سعد زغلول زعيم الأمة بروح الإيثار الجميلة ما بين الصديقين الرائعين، وقرر من خلال البرلمان تخصيص مبلغ لنفقات بعثات كلية الفنون الجميلة والتى كان أول المستفيدين بها التوأم الروحى راغب ويوسف حيث سافرا إلى مهد الفن إيطاليا، يعود راغب ويوسف ليبذرا بذور الجمال والبهجة فى حياتنا بالفن والألوان.
حكاية أخرى من حكايات سبيكة الوطن المصرى الذى كان لا يعرف من هو المسيحى ومن هو المسلم كما قال كرومر إلا عندما يدخل هذا إلى الكنيسة وذاك إلى المسجد!!، حكاية نجيب إلياس الشهير بنجيب الريحانى الفنان المسيحى، وبديع خيرى الكاتب المسرحى والسينمائى والشاعر المبدع المسلم، صديقان توأم قدما للمسرح والسينما أجمل الأعمال الكوميدية على مدى تاريخ الفن المصرى، ذهب الريحانى لتعزية صديقه بديع خيرى فى وفاة والدته جلفدان هانم، فوجئ الريحانى بالشيخ محمد رفعت خارجاً من العزاء بعد قراءة القرآن فى المأتم، حينها فقط عرف نجيب أن صديق عمره مسلم، عاتبه على أنه لم يقل له هذه المعلومة، فقال له بديع «أصلك ماسألتش»!!
الحكاية الثالثة بطلها الضابط مهندس باقى زكى يوسف، الذى هدم المانع التاريخى خط بارليف الذى طالما تحدى المصريين والعالم بأنه أكبر مانع وساتر ترابى فى التاريخ، فقد اخترع مدفعاً مائياً يعمل بواسطة المياه المضغوطة ويستطيع أن يحطم ويزيل أى عائق أمامه أو أى ساتر رملى أو ترابى فى زمن قياسى قصير وبأقل تكلفة ممكنة مع ندرة الخسائر البشرية، وقصة اختراعه لهذا المدفع المائى جاءت عندما انتدب للعمل فى مشروع السد العالى فى شهر مايو عام 1969 ولم تنفذ الفكرة بسبب وفاة عبدالناصر، وحانت الفرصة فى حرب أكتوبر، وعندما تم الاستعداد للعبور عام 1973 قام الضابط «باقى» مع بعض زملائه بتصنيع طلمبات الضغط العالى التى سوف توضع على عائمات تحملها فى مياه القناة ومنها تنطلق بواسطة المدافع المائية وتصوب نحو الساتر الترابى، وفى ساعة الصفر يوم 6 أكتوبر انطلق القائد باقى زكى يوسف مع جنوده وقاموا بفتح 73 ثغرة فى خط بارليف فى زمن قياسى لا يتعدى الـ3 ساعات، وقد قدرت كميات الرمال والأتربة التى انهارت وأزيلت من خط بارليف بنحو 2000 متر مكعب، وهذا العمل كان يحتاج إلى نحو 500 رجل يعملون مدة 10 ساعات متواصلة، وبعد أن تم تحقيق الانتصار قررت الدولة والحكومة المصرية ترقية الضابط باقى زكى يوسف إلى رتبة اللواء.
هذه هى الحكايات التى يجب أن تحكى وتدون فى شغاف القلوب، وتسكن حدقات العيون، بدلاً من حكايات الدم الداعشية التى نعلمها لأطفالنا.

No comments:

Post a Comment