Translate

Friday, April 14, 2017

د. عماد جاد - الأقباط والعنف (٢) - جريدة الوطن - 15/4/2017

عانى الأقباط من عنف جماعات الإسلام السياسى طوال عقد السبعينات وبداية الثمانينات، واستمر الوضع كذلك حتى اغتيال السادات على أيدى عناصر هذه التنظيمات فى السادس من أكتوبر عام ١٩٨١.
جاء مبارك وحافظ على معادلة السادات التقليدية، واستمرت عمليات العنف والإرهاب تضرب تجمعات الأقباط وتستحل أموالهم، واستمرت سياسة التضييق الساداتية على الأقباط، حيث استمر استبعاد الأقباط من الوظائف المهمة وذات الطبيعة الأمنية، كما استمر التضييق على حقوق الأقباط فى العبادة وصيانة الكنائس ناهيك عن بناء الجديد منها.
خلال هذه الفترة تغلغل التطرف فى مؤسسات الدولة وأجهزتها البيروقراطية، بحيث بات التعصب سياسة دولة وباتت الأجهزة والمؤسسات مكلفة بالتضييق على الأقباط أو متطوعة بذلك على اعتبار أن ذلك نوع من الجهاد الذى سوف يثاب عليه المرء.
وانتقل ذلك إلى مناهج التعليم، فتحولت مناهج اللغة العربية إلى مناهج «دينية» تفتخر بالإسلام وتاريخه، تهين عقائد الأقباط وتشكك فيها، وبدأت عملية غرس التطرف والتعصب فى نفوس النشء المصرى منذ نعومة الأظفار فيطلب من تلاميذ الصف الثالث الابتدائى إعادة متابعة عبارات من قبيل «دينى هو الإسلام، من جاء بغير الإسلام فلن يقبل منه»، وتسللت مواد التطرف والتعصب والكراهية إلى كافة المناهج، هذا كله ناهيك عن التعليم الأزهرى المتخم بكتب التراث التى تتحدث عن الرابطة الدينية لا الوطنية، كتب تراث تتحدث عن قضايا تقطع أوصال الوطن وتقسمه على أساس دينى وتحض على كل ما يفصل بين الأديان والطوائف، يتعامل مع شريك الوطن المغاير الدينى على أنه ينتمى إلى فصيلة الدواب لا البشر.
تمت شيطنة الأقباط وتصويرهم فى صورة كائن أدنى من البشر، فاسد، فاسق، يعبد ثلاثة آلهة، لا أخلاق له وسوف يدخل جهنم غير مأسوف عليه. هذا فى الوقت الذى يعتبر فيه الأقباط أنفسهم أبناء هذا الوطن، أصله العرقى والتاريخى، عقائدهم تحض على الخير والعدل والحق، المحبة للأصدقاء والأعداء، تنمى الخير للجميع، يقدسون تراب الوطن وصلة الوطنية، فقد تعلموا فى عقيدتهم حب الأعداء والصلاة من أجلهم، قال لهم السيد المسيح فى «الموعظة على الجبل»: «أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم، إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فاسقه، لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير، من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً»، تعلم أن يحافظ على طهارته وإذا كانت وصية من وصايا موسى العشر تقول له «لا تزنِ» فإن السيد المسيح قال له: «من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه».
تدعو تعاليم السيد المسيح إلى حب الأوطان والفصل بين الدين والسياسة، فعندما سئل عن جواز دفع الضرائب للقيصر، قال قولته الشهيرة: «أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، لذلك ليس مطلوباً من القبطى أن يبحث عن الرابطة الدينية على حساب الرابطة الوطنية، ومن ثم كان منطقياً أن يدافع الأقباط عن مصر بكل ما لديهم من قوة فى مواجهة غزاة بصرف النظر عن دينهم.
ليس فى إيمان وعقيدة الأقباط مجال للجوء إلى العنف، ولا التصدى للشر، فقد نثر المحبة والتسامح، وتجريم العنف واستخدام السلاح «من أخذ بالسيف، بالسيف يؤخذ» وما سلوكيات وتصرفات أقباط اليوم تجاه عمليات القتل والتفجير التى تقع بحقهم سوى تطبيق للتعاليم والأقوال التى تشكل جوهر الإيمان المسيحى.
وللحديث بقية.

No comments:

Post a Comment