Translate

Sunday, April 9, 2017

خالد منتصر - الإرهاب الأسود يفترس السويد الآمنة - جريدة الوطن - 8/4/2017

حكى لى صديقى الذى يعيش فى ستوكهولم أن هناك ما يتجاوز ألف مدرسة وحضانة إسلامية فى السويد، كلها تضرب علمانية الدولة فى مقتل وتزرع التعصب والعنصرية ورفض الاندماج وكراهية الآخر، قال لى إن له صديقاً ثرياً من أصل صومالى يحمل الجنسية السويدية، هو عضو فى التنظيم العالمى للإخوان، ولديه مدارس من تلك النوعية، أوتوبيسات المدرسة مصنّفة إلى قسمين، قسم للبنين وقسم للبنات، وبالطبع فى المدرسة يستكمل هذا الفصل، هناك حصص دين يبث فيها أفكاراً عنصرية محاربة لأسس وبديهيات السويد السياسية والاجتماعية، يدعو إلى تحجيب البنات، يحدّثهم عن جهاد الطلب، كذلك توانسة ومغاربة يمتلكون مدارس أخرى، هى فوتوكوبى من تلك المدرسة الصومالية، لذلك لم أندهش من حادث الدهس الذى حدث فى أهم شوارع ستوكهولم، نفّذه إنسان كاره للسويد وثقافتها، رغم أنها وطن مسالم جداً، وبلد محب جداً ومرحب جداً بالمهاجرين، يرعاهم إنسانياً وصحياً، ليس له فى حروب العراق وسوريا ناقة ولا جمل، ببساطة آخر بلد من الممكن أن يكرهه مهاجر أو لاجئ، السؤال: لماذا كل تلك الكراهية لهذا البلد المسالم الهادئ الجميل؟، سؤال أشمل وأوسع: لماذا يرفض كثير من المسلمين بالذات الاندماج فى تلك المجتمعات؟!، الاندماج فى الحداثة ليس فقداناً للهوية ولا ذوباناً أو مسخاً لها، لكنه قبول لمبادئ تلك الحداثة وقواعد تلك الحضارة، قبول لمنهج التفكير العلمى، قبول للاختلاف، قبول للآخر، علاقتك مع ربك وقناعاتك الدينية لا تصرخ بها فى الشارع ولا تستخدمها فى إثارة النعرات الطائفية والأحقاد، قبول بنسبية الأفكار وأن الحقيقة لها ألوان طيف كثيرة، وأن صدق الفكرة لا يأتى من أنها قديمة أو جماهيرية، لكن من خلال صدق أدلتها العلمية المنطقية المنهجية، أن يقود شاب فى شوارع السويد شاحنة أخبرنى صديقى بأنها للخمور!! زيادة فى التمويه، لكى يقودها بمنتهى الوحشية، ويدهس أبرياء، محطماً عظامهم بتلذّذ، من أين اكتسب تلك السيكوباتية؟، ولماذا يكره من أكرموه وآووه وأمنوه من خوف وجوع؟، المدهش أن معظم هؤلاء الكارهين قد ركبوا البحر الهادر وتعرّضوا لأخطار الموت المحقّق من أجل ترك بلادهم الفاشية والهجرة إلى تلك البقعة الجنة!!، ثم فى النهاية يكون هذا هو الجزاء، أكتب هذا الكلام وما زالت الشبهات تحوم حول شاب من أوزبكستان، لكن حكومة السويد أعلنت أنه حادث إرهابى بغضّ النظر عن كون الشاب أوزبكى أو غيره، هناك بلاد كانت خارج التصنيف الإرهابى، مثل السويد والنرويج وفنلندا، كنا لا نتخيل أبداً أن تطالها يد الإرهاب، لكن اتضح أن تخميناتنا كلها عن الإرهاب وأماكنه خاطئة، الإرهاب صار كذرات الهواء لا يمكن أن تخلو سماء بلد منه، صار الهواء «أكسجين» و«نيتروجين» وإرهاباً!!، اخترق طبقة الأوزون، واخترق قشرة الأرض، ذهب إلى القطب الشمالى، واقتحم جنوب الكرة الأرضية، صارت آبار العالم كله مسمّمة بالإرهاب، باختصار لا يوجد شبر واحد على تلك الخريطة بقاراتها الست محمياً من أو محصناً ضد الإرهاب، كلنا فى هم الإرهاب سواء.

No comments:

Post a Comment