Translate

Friday, January 13, 2017

د. عماد جاد - آفاق العلاقات مع إدارة «ترامب» - جريدة الوطن - 13/1/2017

أقر مدير المخابرات الأمريكية فى عهد الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته، باراك أوباما، بأن الولايات المتحدة قد أخطأت تقدير الربيع العربى عندما تصورت أن هذا الربيع سيعنى رحيل نظم حكم سلطوية لحساب نظم ديمقراطية، ومن ثم كان الخطأ هو دعم الربيع العربى انطلاقاً من هذا التصور الخاطئ. وأضاف الرجل، وهو يلملم أوراقه للرحيل مع إدارة أوباما، أن واشنطن أخطأت عندما قررت الانسحاب من العراق، فلولا هذا الانسحاب ما ظهر تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش). وفى الوقت الذى امتلك فيه بعض من أركان إدارة أوباما الشجاعة للإقرار بالأخطاء، فإن الأركان الأساسية لهذه الإدارة لم تعترف بالأخطاء لسبب بسيط، وهو معرفتها التامة بأن موقف إدارة أوباما من الربيع العربى جاء وفقاً لرؤية وتخطيط مسبق، ومن ثم فكل خطوة وكل قرار كان مدروساً من قبَل إدارة أوباما التى حصلت على جوهر رؤية سابقتها إدارة جورج بوش الابن ومستشارته للأمن القومى ثم وزيرة الخارجية فى فترة ولايته الثانية كوندوليزا رايس.
تصدر مثل هذه المواقف عن أركان فى إدارة أوباما التى تبنت رؤية تقول إن جماعة الإخوان المسلمين جماعة سياسية معتدلة وإن منحها الفرصة للحكم فى البلاد العربية سوف يكون كفيلاً بضبط أنشطة الجماعات الإرهابية المتطرفة لأنها تمارس التطرف بسبب انسداد الأفق السياسى أمامها فى بلادها فضلاً عن انتشار الفساد. وبموجب هذه الرؤية تولت إدارة أوباما رعاية جماعة الإخوان ومساعدتها على الوصول إلى السلطة فى عدد من الدول العربية، وتفاهمت معها حول القضايا الجوهرية التى تهم الولايات المتحدة فى المنطقة وعلى رأسها أمن إسرائيل واستقرارها. وفى عهد إدارة أوباما انفتح البيت الأبيض أمام الجماعة وتسلسل كوادر الجماعة إلى داخل البيت الأبيض وعملوا كمستشارين للرئيس الأمريكى، كما توطن أنصار الجماعة فى مختلف المؤسسات الأمريكية، ووصلت هوما عابدين إلى منصب السكرتير الشخصى لوزيرة الخارجية هيلارى كلينتون وأعدتها الأخيرة كى تشغل منصب وزير الخارجية فى حال فوز كلينتون بالرئاسة.
هذا فى الوقت الذى كرر فيه الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، الذى سيتسلم مهام المنصب فى العشرين من يناير الحالى، الحديث عن خطورة جماعة الإخوان وأنها الجماعة الأم لكل التنظيمات الإرهابية، وأقر بأن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تحارب الإرهاب بلا هوادة وبصدق، وأن واشنطن أخطأت عندما تركت مصر تخوض هذه الحرب الشرسة بمفردها، وهو الموقف الذى تعهد ترامب بتغييره، مؤكداً: «لن نترك مصر بمفردها فى الحرب على الإرهاب».
ويبدو أن ما عبّر عنه ترامب بات محل توافق لدى أطراف الإدارة الأمريكية الجديدة، ففى حديثه أمام مجلس الشيوخ أعلن ريكس تيليرسون، المرشح لمنصب وزير الخارجية فى إدارة ترامب، أن المهمة التالية بعد القضاء على تنظيم داعش هى التفرغ لمواجهة تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين، فقد وضع الرجل الجماعة فى نفس البوتقة مع تنظيم القاعدة، الأمر الذى يؤشر إلى حدوث تغير جوهرى فى رؤية، ومن ثم سياسات، الولايات المتحدة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط وما يجرى فيها.
وللحديث بقية.

No comments:

Post a Comment