Translate

Monday, January 16, 2017

د. عماد جاد - «شبراوية» فى البيت الأبيض - 16/1/2017

تُعد دينا حبيب باول، والأخير لقب من زوجها الأمريكى، نموذجاً للفتاة المصرية المحبة لوطنها الأم، صحيح أنها هاجرت من مصر وهى فى سن الرابعة، لكنها مثل غيرها من أبناء الأسر المصرية المهاجرة تحمل وطنها فى قلبها وتتابع كل ما يجرى فيه لحظة بلحظة. نشأت فى ولاية دالاس، وحصلت على تعليمها هناك، وأظهرت تفوقاً جعلها محط الأنظار لدرجة أنها تولت منصب كبير موظفى البيت الأبيض فى عهد إدارة بوش الابن التى تولت السلطة عام ٢٠٠١، وكان عمرها فى ذلك الوقت أقل من ثلاثين عاماً. سمعت عن دينا حبيب لأول مرة فى بدايات عام ٢٠٠٣ عندما كانت المنطقة تشهد توتراً متصاعداً وكانت الولايات المتحدة على وشك غزو العراق، فى تلك الفترة طلب رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأهرام، الأستاذ القدير إبراهيم، نافع إجراء حوار مع الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن، وتدخلت أطراف عديدة مصرية وعربية لأخذ موعد لإجراء الحوار، وبعد جهود ضخمة جرى تحديد الموعد فى أوائل مارس ٢٠٠٣، وجرى تحديد مدة اللقاء بنحو نصف ساعة، وعندما دخلت بعثة الأهرام إلى البيت الأبيض لإجراء الحوار كانت هناك فتاة رشيقة تسيطر على الموقف وتدير كل حركة وخطوة ومسئولة عن تنبيه الرئيس بمدة الحوار ومن ثم دورها فى التدخل وإنهاء الحوار بعد الوصول إلى المدة المحددة. كانت هى دينا حبيب، التى غلبت مصريتها على أمريكيتها وعلى قواعد البروتوكول فى البيت الأبيض، فقد كانت سعيدة للغاية لرؤية بعثة مؤسسة الأهرام المصرية وعلى رأسها رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير، وعملت على منح المحاور، الأستاذ إبراهيم نافع، الوقت الذى يحتاجه، حيث تجاوز ضعف الوقت المحدد، وتركت للمحاور المصرى الفرصة كاملة للانتهاء من أسئلته. باختصار تصرفت كفتاة مصرية لا أمريكية رغم أهمية وحساسية الموقف، هذا فى الوقت الذى كان فيه مصرى آخر من أقرب المقربين للرئيس الأمريكى، وهو ابن أسيوط الأستاذ جمال هلال الذى عمل فى منصب المترجم الخاص للرئيس الأمريكى، وهو صعيدى ومصرى حتى النخاع.
وكنوع من التعبير عن الشكر دعت مؤسسة الأهرام السيدة دينا حبيب لجولة سياحية فى مدينتَى الأقصر وأسوان وجرى عقد ندوة لها بالمؤسسة، وأذكر هنا واقعة للتاريخ أن المؤسسة قررت تقديم هدية قيمة للسيدة دينا حبيب شكراً وعرفاناً على الدور الذى لعبته فى إتمام الحوار على الوجه الأكمل، فقد اعتذرت السيدة دينا حبيب عن قبول الهدية وقالت إن قيمتها أعلى من المسموح لها بقبوله من الهدايا قانوناً، ومن ثم فسوف تسلمها للخزانة الأمريكية، ولذلك هى تفضل الاعتذار عن قبولها والاستفادة بقيمتها فى مصر.
قصة دينا حبيب مختلفة تماماً عن داليا مجاهد، مستشارة أوباما، فدينا حبيب مصرية الأصل، تربت على حب بلدها وعشق ترابه الوطنى ولم يعلمها أحد فى يوم من الأيام أن هناك قطعة أرض أكثر قداسة من أرض مصر، هى لم تتاجر بمناصبها التى شغلتها، ولم تستغلها لحسابات تتعلق بتنظيم أو جماعة على أساس عرقى أو دينى، هى أمريكية من أصول مصرية، تخلص لبلدها وفى نفس الوقت تحب موطنها الأصلى ومسقط رأسها وتعمل على خدمته بما لا يتناقض مع مقتضيات وظيفتها وولائها لبلدها الولايات المتحدة الأمريكية، وهى لا ترى أى تناقض فى كونها من أصول مصرية وتحمل الجنسية الأمريكية ومن موقعها يمكنها خدمة بلدها الأم.

No comments:

Post a Comment