Translate

Friday, January 20, 2017

د. عماد جاد - حكمة إغلاق الملف - جريدة الوطن - 20/1/2017

بصدور حكم المحكمة العليا للقضاء الإدارى، ووفق المنطوق الذى حمله الحكم بأن «سيادة مصر على الجزيرتين مقطوع بها» وأن الجيش المصرى لم يكن أبداً جيش احتلال، يسدل الستار على هذه القضية، ويجب على الجميع وقف أى سجال حول هذه القضية، فوفق القضاء المصرى فإن الجزيرتين مصريتان، وهنا وجب على الحكومة المصرية إغلاق الملف وسحب الاتفاقية من مجلس النواب، فوفق حكم القضاء المصرى باتت الاتفاقية هى والعدم سواء. وفى تقديرى أن أى محاولة للتحايل على حكم القضاء المصرى سوف تضر بالنظام السياسى المصرى برمته ولن يتوقف الضرر عند حدود الحكومة، فحتى هذه اللحظة اللوم كله موجه للحكومة ولرئيسها الذى وقع على الاتفاقية متجاوزاً حدود التفويض الممنوح بالإدارة، وإصرار الحكومة على مواصلة محاولات نقل ملكية الجزيرتين للسعودية سوف تترتب عليه نتائج كارثية على كل المستويات وتهز النظام القائم برمته وتضر بأمن البلاد واستقرارها. هناك أصوات حكومية ورسمية وأبواق إعلامية ناعقة باستمرار لا تزال تقسم بأغلظ الأيمان بأن الجزيرتين سعوديتان وأن الحكومة سوف تحيل الملف إلى المحكمة الدستورية العليا، وهو أمر كفيل بضرب مؤسسات القضاء المصرى بعضها ببعض واستمرار البلبلة فى الشارع المصرى، فما الذى تنتظره الحكومة من المحكمة الدستورية العليا بعد أن أجمع قضاة المحكمة الإدارية العليا على أن الجزيرتين مصريتان وأن الحكومة المصرية لم تقدم وثيقة واحدة تثبت غير ذلك، فهل لدى الحكومة وثائق جديدة سوف تقدمها للمحكمة الدستورية العليا؟
الإجابة هى بالنفى، فلو كان لدى الحكومة وثيقة واحدة لقدمتها إلى المحكمة الإدارية العليا، هذا ناهيك عن عدم جواز ذلك من الأصل. بعض أبواق الحكومة تقول إن البرلمان سوف ينظر الاتفاقية، وهنا نقول إن فى ذلك نوعاً من الانتحار السياسى، ففضلاً عن عدم جواز نظر المجلس لاتفاقية قضت المحكمة الإدارية العليا بأنها هى والعدم سواء، فإن فى نظر المجلس للاتفاقية ما يهدد مجلس النواب نفسه، فالخلاف سيكون قاسياً والأجواء سوف تتسم بالتوتر الشديد والانقسام وارد بقوة وقد يقود إلى ما لا تحمد عقباه على مستقبل مجلس النواب، فهناك داخل المجلس مَن سوف يستميت دفاعاً عن عدم مصرية الجزيرتين ويبذل كل جهد ممكن للحشد من أجل التصويت على تمرير الاتفاقية، وهناك من سوف يرى فى المعركة على الجزيرتين معركة حياة أو موت بالنسبة له، فهو يؤمن بأنه يدافع عن جزء من أرض الوطن، ومن ثم فإن خسارة المعركة يمكن أن تدفع بعدد من نواب المجلس إلى اتخاذ قرارات أتصور أنها يمكن أن تؤثر بقوة على استمرار المجلس وتماسكه. أما الحديث عن لجوء السعودية إلى التحكيم الدولى فهو أمر يتطلب موافقة الحكومة المصرية على ذلك، وهنا لا يوجد نزاع يعرض على المحكمة فحكومتنا تقول بسعودية الجزيرتين وهو نفس موقف السعودية ومن ثم فإن موافقة الحكومة على ذلك ستفجر الوضع فى داخل البلاد، وإذا كانت هناك رغبة فى التوجه للتحكيم الدولى فهذه الحكومة لا تمثل الضمير الوطنى، ومن ثم لا بد من تشكيل فريق وطنى منتقى بعناية ونثق تماماً وفق حكم المحكمة العليا أن مهمة إثبات مصرية الجزيرتين ستكون مهمة يسيرة.
الحل العملى هنا هو إغلاق الملف تماماً، ورحيل الحكومة القائمة من رأسها، وتشكيل حكومة جديدة على رأسها شخصية وطنية سياسية، فكفى موظفين تكنوقراط، مصر تحتاج حكومة لديها رؤية واضحة وتتشكل من شخصيات سياسية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة.

No comments:

Post a Comment