Translate

Saturday, January 14, 2017

د. عماد جاد - آفاق العلاقات مع إدارة «ترامب» (3) - جريدة الوطن - 14/1/2017

فى الوقت الذى تتحرك فيه الإدارة الأمريكية الجديدة باتجاه محاربة الإرهاب وتبنى رؤية قريبة للغاية من الرؤية المصرية، وتشيد فيه إدارة ترامب بمصر ودورها فى الحرب على الإرهاب، فإن الأغلبية فى الكونجرس الأمريكى بمجلسيه النواب والشيوخ توجد بيد حزب الرئيس وهو الحزب الجمهورى، وهى من الحالات النادرة للغاية أن يقبض حزب واحد على البيت الأبيض والأغلبية فى مجلسى الكونجرس، فعادة ما يسعى الشعب الأمريكى إلى إحداث توازن عبر توزيع السلطتين التنفيذية والتشريعية على الحزبين، بحيث يحدث نوع من التوازن بينهما، ونادرة هى الحالات التى يمنح فيها الشعب الأمريكى السلطتين لحزب واحد، ويعنى حدوث ذلك أن الحزب المسيطر بمقدوره أن يعمل على تحقيق رؤيته بالكامل وتنفيذ سياساته عبر التنسيق والتفاهم بين مؤسسة الرئاسة والسلطة التشريعية. ويبدو واضحاً أن السبب الرئيسى فى ذلك هو الأداء الكارثى لإدارة أوباما على المستويين الداخلى والخارجى، إضافة إلى المخاوف الشديدة لدى الشعب الأمريكى من فوز كلينتون الذى يعنى استمرار سياسات أوباما.
عموماً نحن أمام إدارة أمريكية جمهورية تشيد بمصر ودورها، يعتبر بلدنا هو البلد الوحيد الذى يخوض حرباً بلا هوادة على الإرهاب، يخوض الحرب بصدق وأمانة، ترى أن مصر فى حاجة للدعم والمساندة، وفى نفس الوقت فإن الحزب الجمهورى الذى يحوز الأغلبية فى مجلسى الكونجرس لديه تصورات وخطط لشن حرب بلا هوادة على الإرهاب، ويرى أن جماعة الإخوان هى الجماعة الأم لكافة التنظيمات الإرهابية، ولم يكن غريباً أن يبادر السيناتور الجمهورى تيد كروز بتقديم مشروع قانون لإعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات، أبرزها مصادرة أموالها وحظر نشاطها على الأراضى الأمريكية، وهى الجماعة التى تغلغلت فى الولايات المتحدة ووصلت إلى البيت الأبيض وسيطرت على الأنشطة الدينية هناك وحولتها لدعم رؤيتها.
السؤال هنا: وماذا نحن فاعلون لاستثمار هذه التطورات؟
أولاً نؤكد أن علاقات الدول تقوم على المصالح، لا الود ولا الحب لهما مكان فى العلاقات الدولية، لا توجد فى العلاقات الدولية أعمال خير، قد تسهم الدول فى أعمال الإغاثة والإنقاذ والإنفاق على المحتاجين من نازحين ولاجئين وجائعين، لكن سياسة الدول تبنى على المصالح، وعلينا أن نتحلى بالصراحة مع أنفسنا والوضوح والاستقامة أيضاً، علينا أن نحدد مصالحنا بدقة وأن نرى مصالح الولايات المتحدة ونحدد بوضوح ما يمكننا أو ما نحن على استعداد للتوافق فيه مع واشنطن والعمل معها على تنفيذه، ونحدد مجالات التعاون والتنسيق، والدور الذى يمكننا لعبه فى تحقيق وصيانة هذه المصالح، حتى نطالب واشنطن بالعمل معنا على تحقيق مصالحنا، وبالقطع لا بد ألا تكون هذه المصالح متقاطعة أو على الأقل غير متناقضة مع مصالح الولايات المتحدة نفسها، فيمكن تحديد دوائر التناقض ودوائر التلاقى والدوائر التى لا تهم واشنطن، ونفس الأمر بالنسبة لنا، ما هى دوائر مصالحنا الحقيقية والدوائر التى لا يمكن التعاون مع واشنطن فيها، وتلك التى يمكننا التنسيق والتعاون فيها دون أن تؤثر على مصالحنا الجوهرية، الأهم من كل ذلك أن تكون لدينا الشجاعة والصراحة فى الإعلان عن ذلك والسير فيه دون الخضوع لابتزاز أو الخوف من نقد أو الوقوع فى أسر شعارات جوفاء لا قيمة لها، آن الأوان لأن نحدد مصالحنا الوطنية بدقة وأن نعمل على تحقيقها بشفافية ومن على أرضية وطنية خالصة.

No comments:

Post a Comment