Translate

Saturday, January 7, 2017

د. عماد جاد - خسارة الأنصار - جرية الوطن - 7/1/2016

كتبت نفس المعنى وأطلقت ذات التحذير قبل نحو ستة أشهر، ورغم ذلك استمرت الأخطاء والخطايا بحق أنصار تحالف ٣٠ يونيو وتجرى عملية إبعاد منظم وممنهج لأبرز الوجوه والرموز من ساسة وإعلاميين ورجال أعمال، ولذلك نعود ونكرر نفس المعنى ونطلق ذات التحذير بسبب المخاطر المترتبة على استمرار سيناريو تصفية حلفاء ٣٠ يونيو، وهنا نقول إن القاعدة الذهبية فى العمل السياسى والحزبى التى يتعلمها دارس العلوم السياسية فى أيام دراسته الأولى وتلقنها القوى والأحزاب السياسية لكوادرها، وهى العمل وفق ثلاثة أهداف مرتبة بدقة، الأول هو ضرورة العمل على الحفاظ على وتقوية وتعزيز معسكر الأنصار أو المؤيدين، ويعنى ذلك ببساطة ضرورة الحفاظ على كتلة التحالف المؤيدة والمساندة للنظام، الرئيس، الحكومة أو الاتجاه السياسى والحزبى، وتقول القاعدة هنا إنهم أنصارك ومؤيدوك ليس مطلوباً منك بذل جهد ضخم للحفاظ عليهم فقط عليك أن تعمل على الوفاء بالأسس والمبادئ والتعهدات التى قام عليها الائتلاف أو التحالف، لا تنقلب على حليف ولا تؤذ مؤيداً، لا تنفرد بالعمل مع مجموعة صغيرة وتغلق الدائرة المحيطة بك وتصم آذانك عن سماع أنين شكاوى أو مطالب المؤيدين، لأن فى ذلك خسارة مجانية لقواعدك التى تحتاج إليها باستمرار، الهدف الثانى هو العمل بكل قوة على استقطاب أكبر قدر ممكن من الفريق المحايد، الذى يسمى فى الانتخابات بالأصوات العائمة، فهو فريق لم يتخذ قراره بالتأييد أو المعارضة ولا قرر التصويت فى أى اتجاه ومن ثم عليك أن تبذل جهداً أكبر فى إقناع مكونات هذا الفريق بأنك أمين على مبادئك وتعهداتك وأنك لا تبيع أنصارك وتلتزم بما تقطعه من تعهدات، هذا الفريق يمكنه حسم الموقف فى أى لحظة وعلينا أن نتذكر أن هذا الفريق فى زمن الإخوان أُطلق عليه «حزب الكنبة» وعندما تحرك ونزل إلى الشارع بسبب أخطاء وخطايا بل وجرائم الجماعة، كانت ثورة الثلاثين من يونيو التى أطاحت بحكم المرشد، ومن ثم لا ينبغى الاستهانة بهذا الفريق على الإطلاق فقد يكون القطاع الأكبر والأكثر تأثيراً فى حال اتخذ القرار بالعمل فى اتجاه معين.
الهدف الثالث والأخير هو العمل على تفكيك بل وتفتيت قوة الأطراف الأخرى، فإذا كنا نتحدث عن الأحزاب والانتخابات فالهدف هنا هو تفتيت جبهة أنصار الأحزاب الأخرى واختراقها، وهو الهدف الأكثر صعوبة، الذى يتطلب جهداً هائلاً وعملاً متواصلاً.
فى أى عمل سياسى أو حزبى تكون هذه الأهداف متدرجة بمعنى أن الهدف الأول والأولى بالرعاية هنا هو الحفاظ على كتلة الأنصار والمؤيدين لأنه الهدف الذى يضمن القوة القائمة، لأن الأنصار والمؤيدين ليس لهم من مطالب سوى الوفاء بالالتزامات والتعهدات واحترام أسس الاتفاق التى قام عليها التحالف من البداية، هذا بعكس الكتلة المحايدة أو الأصوات العائمة التى عليك أن تقدم لها ما يقنعها بالانضمام لك والعمل معك، فهى تريد أن ترى العمل أولاً، فى حين أن الأنصار والمؤيدين معك من قبل أن تبدأ ولا يطلبون منك سوى العمل وفق ما تم التوافق عليه، وفى هذا السياق يأتى فى المؤخرة هدف تفتيت المعسكر المقابل أو المنافسين والخصوم السياسيين، فهو الهدف الأصعب، الذى يحتاج إلى نفس طويل لأنه يعتمد على أداء المعسكر الآخر وأدائك فى الوقت نفسه، فلا بد أن يرتكب قادة المعسكر الآخر الأخطاء أولاً ثم تتحرك أنت لاستغلال هذه الأخطاء وأخيراً تقدم لهم ما يقنعهم بالانضمام لك أو دخول معسكرك.
السؤال هنا كيف نرى ما يجرى فى مصر اليوم؟
فى تقديرى أن ما يجرى هو العمل عكس هذه الأسس والمبادئ، فهناك جهود متكررة لتفتيت المعسكر المؤيد، هناك أخطاء وخطايا ترتكب بحق تحالف ٣٠ يونيو، هناك إغلاق مبكر للدائرة الصغيرة المحيطة بالرئيس، هناك ضيق آفق فى التعامل مع مكونات تحالف ٣٠ يونيو على النحو الذى أدى إلى تصدعه حتى لا نقول تفتته، انظر إلى طريقة العمل السياسى والأمنى لتعرف أن السياسة انسحبت لحساب الأمن، وعندما يتصدر رجال الأمن لشغل مهام رجال السياسة فاعلم أن الأخطاء المتراكمة تقود إلى تفتت المعسكر المؤيد، لا تحتاج إلى جهد كبير حتى تعرف أن رموزاً من أخلص مؤيدى وأنصار ٣٠ يونيو قد ابتعدت أو أُبعدت عن المشهد لسببين رئيسيين أولهما الإغلاق المبكر للدائرة المحيطة بالرئيس والثانى تغول المكون الأمنى على حساب السياسى، ومن ثم جرى التعامل مع رموز مصرية وطنية بطرق خشنة وفظة، فكان قرار الخروج من التحالف أو التنحى جانباً حزناً وألماً على طريقة الإدارة وإعادة إنتاج الأخطاء، والإصرار على الخطأ، انظر إلى قرارات القبض العشوائى، إلى التضييق على حرية الرأى والتعبير، إلى عدم التسامح مع الرأى الآخر، بل توقف أمام قرار اقتحام نقابة الصحفيين لأول مرة فى تاريخها، تمعن فى كل ذلك وسوف تستخلص دروساً فى الاجتهاد فى تفكيك التحالف وخسارة الأنصار والمؤيدين.

No comments:

Post a Comment