Translate

Tuesday, January 31, 2017

د. عماد جاد - عن «٢٥ يناير» ومزاياها - جريدة الوطن - 30/1/2017

مرت الذكرى السادسة لثورة الخامس والعشرين من يناير هادئة سالمة، وتم تقاسم الاحتفال ما بين عيد الشرطة وذكرى الثورة، وفى الوقت نفسه هناك قطاع من المصريين وفريق ليس بهين داخل مؤسسات الدولة عبر بصراحة ووضوح عن كراهيته لذكرى الثورة، وهناك من أعلن تحسره على فترة ما قبل الثورة، أى عهد مبارك، مشيراً إلى حالة الأمن والاستقرار التى كانت تتمتع بها البلاد قبل الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، إضافة إلى معدلات تنمية مرتفعة تجاوزت الخمسة بالمائة، وحركة سياح بلغت ثمانية ملايين سائح سنوياً، وعملة مصرية مستقرة مقابل الدولار، ودعم على المشاع للكهرباء والوقود.
كل ما ذكر صحيح من الناحية الشكلية، فالقبضة الأمنية كانت شديدة، وكان جل اهتمام أجهزة الأمن ملاحقة الناشطين السياسيين، فالرجل قرر توريث المنصب لابنه ولا عودة عن ذلك والوريث كان يتعامل منذ عام ٢٠٠٥ على أنه الرئيس الفعلى للبلاد وكان كل المسئولين فى البلد يعاملونه على هذا الأساس. وجرى تجنيد طاقة البلاد لخدمة مشروع التوريث، كما جرى بيع دور مصر الإقليمى للولايات المتحدة مقابل تمرير مشروع التوريث.
واصل مبارك على مدار سنوات حكمه الثلاثين للبلاد الاعتماد على الخلطة التى صاغها السادات وهى مزج الدين بالسياسة وتوظيف الدين لخدمته شخصياً ومصلحة بقائه فى السلطة، وفى هذا السياق واصل لعبة القط والفأر مع جماعة الإخوان المسلمين، ترك لهم العمل الأهلى الخيرى الذى رفع من شعبيتهم فى الشارع، وزاد من نفوذهم على النحو الذى يمكنه من توظيفهم كفزاعة لإخافة الغرب من حكم الإسلاميين، وفى الوقت نفسه عملت أجهزة أمن مبارك على رعاية ودعم السلفيين بحيث تستخدمهم عند اللزوم فى مواجهة الإخوان. وقادت هذه الخلطة إلى حالة من التوتر الدينى فى البلاد، فزادت معدلات تديين المجال العام، وزاد انتشار التدين الشكلى والتعصب العام، وكادت البلاد تصل إلى حافة الانفجار الدينى ويكفى أن نذكر ما جرى فى عام مبارك الأخير فى السلطة، ٢٠١٠، فقد بدأ العام بجريمة نجع حمادى وانتهى بجريمة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية وما بينهما كانت هناك عشرات الجرائم والاعتداءات من العمرانية إلى قطار سمالوط إلى اعتداءات على أقباط فى قرى وريف مصر ورعاية جهاز الشرطة والأجهزة الأمنية لعمليات ترحيل أسر قبطية من مساكنها رضوخاً لأحكام جلسات عرفية برعاية أمنية. ولم يكترث مبارك بحالة التوتر الدينى التى اجتاحت البلاد بعد أن شاخ على مقعد السلطة وتصلبت شرايين العمل السياسى وباتت دولة بحجم ووزن مصر مجيشة لصالح مشروع توريث السلطة.
فى الوقت نفسه كانت عوائد معدلات التنمية المرتفعة تصب فى صالح النخبة الاقتصادية للوريث وكان الأثرياء يزدادون ثراءً والفقراء يزدادون فقراً، المرض ينهش أجساد المصريين وأكبادهم تحديداً، ولا اكتراث من قبل الدولة، تحول مشروع العلاج على نفقة الدولة إلى مشروع استجمام للمسئولين وأسرهم وإجراء عمليات تجميل بينما المرض ينهش فى أجساد الفقراء دون أن يجدوا أى اهتمام من قبل الدولة. أيضاً استشرى الفساد فى كل مؤسسات الدولة وبات يمثل عنصراً محسوباً عند إجراء أى معاملات مع الأجهزة الحكومية، أما قصة الدعم وسعر العملة فهى قضية كانت ستنفجر يوماً ما وكل ما كان يفعله مبارك هو تأجيل الانفجار لا وضع خطة للحل، كان يقوم بترحيل الأزمة إلى الأجيال المقبلة بهدف ضمان استقرار نظامه فقط لا غير.
وللحديث بقية.

No comments:

Post a Comment