Translate

Tuesday, January 24, 2017

د. عماد جاد - نقل السفارة إلى القدس - جريدة الوطن - 24/1/2017

بدأت الاتصالات الأمريكية الإسرائيلية من أجل إتمام عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وقد تفقد وفد أمريكى الموقع المزمع أن يكون مقراً للسفارة الأمريكية فى مدينة القدس الشرقية المحتلة ضمن الضفة الغربية فى عدوان يونيو ١٩٦٧. وبداية نقول إن قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس صادر فى ثمانينات القرن الماضى، وكان باستمرار يرد ضمن تعهدات المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية من ديمقراطيين وجمهوريين، الجميع كان يذهب إلى اللوبى اليهودى فى واشنطن (إيباك) ويتعهد أمامه بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس فى حال فوزه فى الانتخابات، وبمجرد الفوز يوقع على قانون موجود يقضى بتأجيل نقل السفارة لمدة ستة أشهر، ويظل يوقع القانون إلى أن يرحل عن البيت الأبيض، فعل ذلك كل رؤساء الولايات المتحدة منذ عهد ريجان ثم بوش الأب، كلينتون، بوش الابن وأوباما. وكانت القضية مثارة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة بين ترامب وهيلارى كلينتون، كلاهما ذهب إلى اللوبى اليهودى وتعهد بنقل السفارة، واللوبى يعلم تماماً أن التعهد بالنقل هو قضية انتخابية لكسب أصوات الأمريكيين اليهود، السؤال هنا: هل ينوى الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب نقل السفارة بالفعل؟
فى تقديرى أن الرئيس دونالد ترامب يريد أن يكون مختلفاً عن غيره من الرؤساء، ومن ثم قد يندفع فى طريق نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، المحدد الرئيسى لتوجهات ترامب سيكون مؤسسات الدولة الأمريكية من ناحية والدول العربية التى يعتبرها ترامب بشكل أو آخر حليفة أو صديقة لبلاده. ومن ناحية مؤسسات الدولة الأمريكية يبدو واضحاً أن لكل من وزارتى الخارجية والدفاع والمخابرات المركزية دوراً مهماً فى هذا الإطار، فهذه المؤسسات ستحاول إقناع ترامب بأن صورة الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها فى الشرق الأوسط وأيضاً اعتبارات الأمن ومواجهة الجماعات الأصولية المتشددة والحرب على الإرهاب، تقتضى تأجيل قرار نقل السفارة، فنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس الشرقية هو عمل مخالف للقانون الدولى ولقرارات الأمم المتحدة التى تعتبر القدس الشرقية مدينة محتلة بالقوة، وفى نقل السفارة انتهاك للقانون الدولى ولقرارات الأمم المتحدة. طبعاً مثل هذه المبررات قد تبدو بلا قيمة من وجهة نظر الرئيس الأمريكى الجديد، ولكنها ستكون محل اعتبار مؤسسات الدولة الأمريكية. وسيكون لاعتبارات المصالح والأمن أولوية كبرى لدى هذه المؤسسات وسوف تضع الأمر برمته أمام الرئيس الجديد، فمصالح الولايات المتحدة تقتضى العمل مع عدد من الدول العربية المعتدلة وعلى رأسها مصر، وتنفيذ قرار نقل السفارة سوف يضع قيوداً شديدة على قدرة مصر على العمل مع إدارة ترامب، والأكثر أهمية هنا هو أن قرار نقل السفارة سيكون بمثابة الحبل السرى الذى سيغذى جماعات العنف والإرهاب ويعيدها إلى الحياة مجدداً، فهذه الجماعات اعتادت الاتجار بالقضايا الوطنية والقومية ووظفتها فى حشد التأييد والمساندة، وبالتالى فإن قرار نقل السفارة سيدفع هذه التنظيمات إلى شن عمليات إرهابية ضد المصالح الغربية عامة والأمريكية خاصة، واستهداف الدول العربية التى سوف تتعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة وستحوز قدراً من التعاطف من قبل الرأى العام لأنها ستبدو فى صورة من يتصدى لسلب المدينة المقدسة من أيدى العرب والمسلمين.
وأتصور أن مؤسسات الدولة الأمريكية تبذل حالياً جهودها لإقناع الرئيس الأمريكى بتأجيل قرار نقل السفارة والتوقيع على القانون الذى يقضى بتأجيل النقل ستة شهور، وهى فرصة لعواصم عربية لها صورة إيجابية لدى الرئيس الأمريكى الجديد كى تشرح له المخاطر الكامنة فى قرار نقل السفارة.

No comments:

Post a Comment