Translate

Saturday, November 12, 2016

خالد منتصردروس «أمراء الدم» غير المستفادة - المصرى اليوم - 13/11/2016

ما زالت قصص أمراء الدم والإرهاب فى كتاب الباحث ماهر فرغلى حُبلى بالمزيد من الدروس المستفادة التى حولناها بلامبالاتنا المعهودة إلى دروس غير مستفادة، ما زلنا غارقين فى سباتنا العميق يغمرنا اطمئنان مزيف مقتنعين تمام الاقتناع أن المواجهة الأمنية هى الحل الوحيد وأن جهاز الأمن الوطنى (أمن الدولة سابقاً) هو العصا السحرية التى بلمسة منها لن يحمل رحم مصر جنيناً إرهابياً مرة أخرى، هذه مجموعة من الأوهام ما زلنا نلوكها ونتعامل معها على أنها حقائق دامغة، قراءة قصص حياة أمراء الدم والإرهاب فى كتاب «فرغلى» الذى حكى من الواقع وترك لنا التشخيص، نحتاج الآن إلى رؤية أمراء الدم بجهاز الرنين المغناطيسى لكى نكتشف الأحشاء الداخلية للإرهاب ومصادر قوته ونموه، حكاية سيد قطب وخلافه مع رجال الثورة التى صدروها لنا على أنه خلاف مع الضباط الأحرار، حكاية تثبت أن الخلاف هو مع الوطن أولاً، فقد قال آسفاً وهو فى الطريق إلى الاعدام «لقد حزنت على فشل الإخوة فى نسف القناطر الخيرية»!!، الدرس الثانى لا بد من اليقظة وفتح الأعين جيداً على التغيرات التى تطرأ على بعض من يعملون فى أماكن حساسة ومؤثرة سواء فى الخدمة أو بعد المعاش، فخالد الإسلامبولى كانت تقاريره «امتياز»، وعبود الزمر تم تكريمه كمقاتل فى أكتوبر، لكن هذا لا يمنع أن تتغير وتتبدل الأمزجة والأفكار فيتحول الأول إلى قاتل لأكبر رأس فى الدولة والثانى لمخطط وزعيم لأخطر تنظيم إرهابى فى تاريخ مصر، أما قصة حلمى هاشم الضابط بمصلحة السجون الذى تحول إلى مرجعية داعش الفقهية!!، والذى كفَّر من لم يكفر الكافر، هى قصة مدهشة ومزعجة وصادمة، هذا الرجل الذى كان المنوط به مراقبة الإرهابى صار زعيم الإرهابيين، وللأسف ما زالت دار النشر التى أنشأها توزع كتبها فى معرض الكتاب، وهذا درس آخر لم نتعلمه أو نستفد منه، والإرهابى يحيى هاشم كان وكيل نيابة، والإرهابى رامى الملاح الذى سافر إلى سوريا للجهاد كان ضابط شرطة مستقيلاً، ولا ننسى أن الذى دل قتلة المقدم «مبروك» على مكانه هو مقدم شرطة بإدارة المرور!!، وكذلك أساتذة الجامعة نجد من بينهم عناصر فى منتهى الشراسة، يكفينا د. محمد كمال أستاذ الأنف والأذن الذى يعتبر عبدالرحمن السندى الجديد قائد الجناح العسكرى والمسئول عن حزمة الاغتيالات الأخيرة ومنها النائب العام وبعض ضباط الجيش الكبار، وكذلك د. محمد نصر الأستاذ بكلية علوم قناة السويس الذى شكل أخطر كتيبة جهادية وهى كتائب الفرقان التى تحالفت فيما بعد مع تنظيم بيت المقدس، درس آخر عن خطر الفتاوى التى يصدرها بعض الشيوخ الأزهريين المعتمدين كمرجعية إسلام وسطى التى من الممكن أن تنتهى بتقديم عذر شرعى ومبرر فقهى لأمراء الدم، مثل فتاوى جبهة علماء الأزهر د. مزروعة ود. عبدالغفار عزيز بتكفير فرج فودة، وما قاله الشيخ الغزالى فى المحكمة عن أن خطأ القاتل وتهمته هى مجرد الافتئات على الدولة!!، درس آخر للدولة التى لا تراقب التبرعات التى يقدمها الخليجيون للجماعات السلفية والجهادية وتقدر بمئات الملايين، وكتاب «أمراء الدم» يذكر مجرد شذرات كانت كافية لتمويل اغتيالات وتفجيرات هزت أرجاء مصر وأصابت هيبة النظام، أما الدرس الأخير المهم هو ما نستلهمه من قصة أحمد جلال سيف زعيم جماعة أجناد مصر، الذى كان عضواً فى حزب النور!!، يعنى باختصار الدولة لا بد أن تفهم أن فكرة الأحزاب الدينية السلمية المقتنعة بالديمقراطية وآليات الدولة المدنية هى وهم كبير وخرافة عظمى وخدعة رهيبة، وأن الرهان على ترويض السلفيين من خلال أحزاب مدنية هو حرث فى الماء.
انتهت قراءتى لكتاب «أمراء الدم» الصغير الحجم، الكبير القيمة، ولكن لتبدأ الدولة فى قراءة أخرى للكتاب لعلها تتعلم وتستفيد.

No comments:

Post a Comment