Translate

Monday, November 14, 2016

د. عماد جاد - «ترامب» فى البيت الأبيض (٣) - جريدة الوطن - 14/11/2016

عكس كل استطلاعات الرأى وتوقعات مراكز الأبحاث وثقة مؤسسات الدولة الأمريكية، بل أيضاً تقديرات من داخل حزبه الجمهورى، تمكن دونالد ترامب من إلحاق الهزيمة بالمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون والفوز بمقعد الرئاسة. وقد حقق ترامب هذا الفوز لاعتبارات موضوعية وخطة محكمة، فهو ليس تماماً بالرجل المتهور المندفع، الذى يعتمد على أمواله فقط، بل وضع مع فريقه الانتخابى خطة محكمة لاقتناص البيت الأبيض وقد تحقق له ما أراد. ومن بين أبرز هذه المكونات إعادة الاعتبار للمثلث التقليدى الذى حكم الولايات المتحدة منذ نشأتها وهو المثلث الذى يشار إليه اختصاراً بـWASP، أى أبيض وأنجلوساكسون وبروتستانت، هذا المثلث كُسر منه ضلع واحد عام ١٩٦١ بفوز كيندى وكان كاثوليكياً، ثم كسر ضلعان مرة واحدة مع أوباما فهو ليس بأبيض ولا من أصول أنجلوساكسونية، من هنا بدأ ترامب حملته بمخاطبة الأمريكى الأبيض والأنجلوساكسونى والبروتستانتى، واعتمد على هذا المكون الذى يمثل غالبية سكان الولايات المتحدة الأمريكية فى انتزاع البيت الأبيض، خاطبهم باعتباره أمريكياً يشاركهم المكونات الثلاثة، ونجح فى دفع ملايين من الأمريكيين ينتمون لهذا المثلث إلى الخروج والتصويت له فى الانتخابات. أيضاً رغم أن الرجل يعد من كبار أثرياء الولايات المتحدة فإنه وجه خطابه إلى العمال والكادحين أو أصحاب الياقات الزرقاء، خاطبهم مباشرة وذهب إليهم فى مواقع العمل متعهداً لهم بالدعم والمساندة وإعادة الاعتبار للصناعات الأمريكية التى تم نقلها إلى الصين والمكسيك، وتعهد بمساندتهم وتوفير فرص العمل لهم ولأولادهم. ومن ناحية ثالثة لم يقصر خطابه على أنصار الحزب الجمهورى المؤيدين له، بل تجاوزهم إلى الحديث عن حركة جديدة فى المجتمع الأمريكى، حركة تضم كل فئات وشرائح المجتمع الأمريكى التى تم تهميشها والإضرار بمصالحها. ومن ناحية رابعة كان الرجل ذكياً للغاية فى الرهان على حصد أصوات الولايات المتأرجحة أو ذات الأصوات العائمة التى يمكن أن تذهب فى أى اتجاه دون توقع مسبق، فالرجل كان يعرف جيداً ما هى الولايات الديمقراطية التى لن يحصل على أصوات مجمعها الانتخابى مثل كاليفورنيا، فمهما فعل فإن أصوات هذه الولاية عادة ما تذهب إلى الحزب الديمقراطى، ويعرف كذلك الولايات التى تصوت للجمهوريين مثل تكساس، فهى دائماً ما تعطى أصواتها للمرشح الجمهورى، لم يبذل جهداً كبيراً لاستهداف أصوات الولايات الديمقراطية، وإن بذل جهداً مضاعفاً للحفاظ على أصوات الولايات الجمهورية بعد أن تخلى عدد من قادة الحزب عن دعمه ومساندته معتقدين أن نتائج الانتخابات شبه محسومة لصالح المرشحة الديمقراطية. كان تركيز ترامب الأكبر على أصوات الولايات المتأرجحة، وكان يعرف جيداً أن فوزه بأصوات أكثر من ولاية من هذه الولايات سوف يحسم الانتخابات لصالحه. كان التركيز على فلوريدا وبنسلفانيا، وكان الوضع فى الولاية الأولى صعباً للغاية نظراً لأن غالبية سكان هذه الولاية من أصول لاتينية، وسبق للرجل أن أطلق تصريحات أثارت مخاوف هذا المكون لاسيما فى حديثه عن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين المقبلين من المكسيك وجنوبها اللاتينى، ورغم ذلك نجح الرجل فى حصد أصوات المجمع الانتخابى للولايتين وكان إعلان فوزه بأصوات ولاية بنسلفانيا بمثابة إعلان الفوز بالرئاسة.
وللحديث بقية.

No comments:

Post a Comment