Translate

Friday, November 25, 2016

د. عماد جاد - حدود التفويض - حريدة الوطن - 25/11/2016

تداولت أنباء تقول إن العاهل السعودى يتولى قيادة جهود وساطة بين النظام فى مصر وجماعة الإخوان المسلمين، وإنه تم التوصل إلى خطوط عريضة للمصالحة بين الجانبين مؤداها الإفراج عن قيادات الجماعة المحبوسين فى السجون مقابل تجميد النشاط السياسى للجماعة، بما فى ذلك المشاركة بالتصويت فى الانتخابات لمدة خمس سنوات. وهناك من رأى فى نقض الأحكام الصادرة بالإعدام والسجن المؤبد والمشدد بحق قيادات الجماعة مؤشراً على صحة هذه الأنباء. الغريب أيضاً حالة الصمت التام التى التزمت بها الحكومة المصرية والمسئولون فى التعامل مع هذه الأنباء، الأمر الذى أثار المزيد من البلبلة لدى الرأى العام المصرى.
ربما تكون الأنباء غير صحيحة بالمرة، ولا أساس لها، وقد تكون مجرد بالونات اختبار لمعرفة رد فعل المصريين على مبدأ المصالحة مع الجماعة، وقد تكون هناك خطوات تم قطعها بالفعل فى هذا المجال، لا سيما أنه ليست المرة الأولى التى نسمع فيها مثل هذه الأقوال، فقد سبق وصدرت على لسان مسئولين ووزراء. ولكن بعيداً عن هذه التساؤلات التى تظل بلا إجابة إلا إذا خرجت تصريحات رسمية من النظام، وبعيداً أيضاً عن الدخول فى سجال حول نوايا النظام أو أطراف فيه إزاء فكرة المصالحة مع الجماعة الإرهابية، فإن السؤال الجوهرى هنا يدور حول صلاحيات النظام فى الدخول فى عملية مصالحة. السؤال هنا هل يملك النظام صلاحية إبرام مصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين بعد كل ما جرى ويجرى بحق المصريين وأبنائهم؟ بمعنى آخر هل النظام القائم لديه تفويض شعبى بالدخول فى عملية مصالحة مع جماعة الإخوان؟
ما هو مستقر حتى اللحظة هو أن نظام ما بعد ٣٠ يونيو قد قام على مبدأ مغاير وهو مبدأ التصدى للعنف والإرهاب المتوقع، فقد خرج ملايين المصريين فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ يطالبون الجيش المصرى بوضع حد لحكم المرشد والجماعة، وإنهاء حقبة مريرة من حكم الجماعة الإرهابية، وعندما صدر بيان ٣ يوليو ٢٠١٣، استعدت الجماعة لاستخدام العنف والإرهاب دفاعاً عن بقائها فى السلطة، وهنا طلب وزير الدفاع فى ذلك الوقت، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، من الشعب الخروج إلى الشوارع والميادين لمنحه تفويضاً بمجابهة العنف والإرهاب المتوقع، وقد فوضه الشعب بذلك فى الخروج الكبير الثالث فى السادس والعشرين من يوليو ٢٠١٣. واستكمالاً لنفس التوجه خرجت المسيرات تطالب وزير الدفاع بخلع الملابس العسكرية والترشح للانتخابات الرئاسية، وقد كان، ومنحه الشعب نسبة غير متكررة فى أى انتخابات حرة فاقت ٩٨٪ من أصوات من شاركوا فى الانتخابات.
من هنا يمكن القول بوضوح شديد إن شرعية النظام القائم تعتمد على تفويض شعبى واضح وقاطع بالتصدى لعنف جماعة الإخوان وإرهابها، وإرهاب فروعها على مختلف مسمياتها، ودفع الشعب المصرى فى سبيل ذلك، ولا يزال يدفع، أثماناً باهظة من حياة خيرة أبنائه من شباب القوات المسلحة والشرطة المدنية والمواطنين الأبرياء، وتحمل آلاماً هائلة نتيجة حصار ومقاطعة الدول المتعاطفة مع الجماعة، ولم يتوقفوا حتى اللحظة عن التحريض ضد مصر والشعب المصرى، ولعل ما تقوم به قنواتهم التليفزيونية التى تبث من تركيا خير شاهد على كراهية الوطن والعداء له، أيضاً ما قامت به الجماعة من عمليات تحريض ضد مصر والمصريين للقيام بنشر الفوضى فى ١١ نوفمبر الحالى خير دليل على معاداة الجماعة للوطن. إنها جماعة ضد الوطن، لا تعترف بوطن ولا حدود ولا وطنية، لا تقر جنسية ولا تحترم تراباً وطنياً، فقد سبق لرمز لهم أن وصف الوطن بأنه مجرد «حفنة من التراب العفن»، وما زال أحفاده يكنون الكراهية الشديدة للوطن ويتمنون الحزن الدائم للمصريين، كما جاء على لسان ابن القرضاوى الذى عبر عن حزنه لفوز مصر على غانا، وشباب الجماعة الذين كتبوا متمنين الفوز لغانا.
وللحديث بقية..

No comments:

Post a Comment