Translate

Friday, November 11, 2016

د. عماد جاد - «ترامب» فى البيت الأبيض - جريدة الوطن - 12/11/2016

عكس كل التوقعات والتحليلات ونتائج استطلاعات الرأى العام حتى اللحظات الأخيرة قبل يوم الثلاثاء العظيم، نجح المرشح الجمهورى دونالد ترامب فى الفوز بمنصب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، وانتزع الرجل فوزاً مريحاً، بالحصول على ٢٨٨ صوتاً من المجمع الانتخابى مقابل ٢١٨ صوتاً حصلت عليها منافسته المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون. فاز «ترامب» بالمنصب فى وقت وقفت فيه النخبة الأمريكية بجميع مكوناتها من سياسية، أكاديمية، إعلامية وفنية، ضده، بل إن قطاعاً مهماً من قيادات حزبه الجمهورى تخلت عنه، وهناك من دعاه إلى التنحى وترك السباق لنائبه مايكل بينيس الذى يُمكنه أن يخوض معركة مع المرشحة الديمقراطية. رفض «ترامب» كل هذه المطالب، وأصر على خوض الانتخابات، ووقف نائبه إلى جواره وسانده. قُبيل الانتخابات بساعات قليلة تعاملت العواصم الغربية مع فوز «هيلارى» على أنه تحصيل حاصل، وأن الفاصل عن فوز «هيلارى» هو ساعات الانتخابات. من جانبها أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن ترحيبها بتولى «هيلارى» رئاسة الولايات المتحدة، وصدرت تصريحات مشابهة من قادة أوروبيين ومن قيادات فى الاتحاد الأوروبى تُرحب بتولى هيلارى كلينتون رئاسة الولايات المتحدة، ولم يذكر أىٌّ منهم «ترامب» من قريب أو بعيد، وكأنه غير موجود فى السباق الانتخابى، أو كأن «كلينتون» قد فازت بالفعل، وأن النتائج أعلنت فوزها، بل إن مجلة عريقة مثل «نيوزويك» طبعت مائة وخمسة وعشرين ألف نسخة من عددها الجديد، وعلى الغلاف «كلينتون تفوز بالرئاسة». رغم كل هذه الإحباطات المحيطة بالرجل وحملته، لم يتراجع «ترامب»، بل واصل حملته بكل قوة وشراسة. تحدى الجميع وكان واثقاً من حملته. وجاءت النتائج التى تحمل خبر فوزه بالولايات المتأرجحة (أى التى يمكن أن تُصوت لأىٍّ من المرشحين) وتحديداً فلوريدا وبنسلفانيا، لتنزل كالصاعقة على حملة «كلينتون»، وعلى من تطلع إلى فوزها، أو كان واثقاً من هذا الفوز.
كان الفوز حاسماً لا شك فيه، لذلك قامت «كلينتون» بالاتصال بـ«ترامب» وهنّأته بالفوز وأقرت بالهزيمة. قيمة الاتصال أنه يعنى الإقرار بالنتيجة والتسليم بها وعدم وجود نية للطعن على النتائج فى أى دائرة من الدوائر، وهو قرار اتخذته «كلينتون» بعد اجتماع مطول من قِبَل الفريق القانونى فى حملتها، الذى درس النتائج فى جميع الولايات، وانتهى إلى التوصية بالإقرار بالنتائج والاعتراف بها وعدم التحضير للطعن على النتائج فى دائرة أو أكثر، مثلما فعل الديمقراطى ألبرت جور فى انتخابات عام ٢٠٠١ أمام جورج بوش الابن. عموماً أوصى الفريق القانونى «كلينتون» بالاعتراف بالنتائج والإقرار بالهزيمة وتهنئة «ترامب»، لأن فوزه لا لبس فيه، وهو ما فعلته «كلينتون»، طالبة من مؤيديها العودة إلى منازلهم.
الغريب والعجيب هنا هو ما أقدم عليه بعض أنصار «كلينتون» من تسيير مظاهرات تحتج على فوز «ترامب»، وترفع شعارات «ليس رئيسى» Not my President، بل إن أصواتاً خرجت من ولاية كاليفورنيا، أغنى وأكبر الولايات الأمريكية (والتى أعطت أصواتها لـ«كلينتون») تطالب بالانفصال عن الولايات المتحدة والخروج من الاتحاد، وهناك من قام بحرق العلم الأمريكى علناً فى الشوارع، احتجاجاً على فوز «ترامب»، وهى ظواهر جديدة على الشعب الأمريكى فى ما يخص التعامل مع نتائج انتخابات ديمقراطية، ولم تحدث عندما فاز «بوش الابن» على «آل جور» عام ٢٠٠٠، وكانت الشكوك تحيط بنتائج الانتخابات فى فلوريدا، وتم إعادة فرز البطاقات، إلى أن أقر «آل جور» بهزيمته، رغم أنه حصل على أصوات أكثر من منافسه الذى فاز بعدد أكبر من أصوات المجمع الانتخابى.
السؤال هنا: لماذا فاز «ترامب»؟ وما التغيّرات الدولية والإقليمية المتوقعة فى ظل إدارته؟
ذلك ما سوف نتناوله تباعاً إن شاء الله.

No comments:

Post a Comment