Translate

Friday, December 2, 2016

رامى جلال - هل تستفيد أمريكا من إسرائيل فى شىء؟ جريدة الوطن - 2/12/2016

اقتصاد مصر يكافئ اقتصاد ولاية «كلورادو» الأمريكية التى تبلغ مساحتها ربع مساحتنا ويسكنها خمسة ملايين نسمة. بينما اقتصاد إسرائيل يكافئ اقتصاد ولاية «أريزونا»، التى تتساوى بالتقريب مع كلورادو مساحة وتعداداً (مع ملاحظة أن مساحة مصر خمسين ضعف مساحة إسرائيل).. أمريكا دولة عظمى، وبمقارنة اقتصادية بسيطة نجد أن كاليفورنيا وحدها تحتل المركز الخامس عالمياً، وتماثل اقتصاد فرنسا، فيما تكساس بمفردها تشغل المركز العاشر عالمياً وتكافئ اقتصاد كندا. وفيرجينيا هى السويد، وبنسلفانيا هى تركيا، ونيويورك كوريا الشمالية، وفلوريدا أندونيسيا، ومريلاند تايلاند، وماساتشوستس نيجيريا (ما سبق: تبعاً لصندوق النقد الدولى، ومكتب التحليل الاقتصادى التابع لوزارة التجارة الأمريكية).. أمريكا تهيمن على العالم، فما الذى تستفيده من إسرائيل؟ وكيف تؤثر الأخيرة حتى صارت الولاية الواحدة والخمسين، بل يتم تدليلها حيث تحقق عوائد دون منافع لواشنطن. كثيراً ما تعمل إسرائيل ومسئوليها على إيذاء حلفائها ومحاولة إلصاق التهمة بأعدائها؛ حدث ذلك منتصف الأربعينات حين فجروا فندق الملك داوود بالقدس لقتل بريطانيين وإدانة الفلسطينيين، وفى منتصف الخمسينات عبر «فضيحة لافون» لاتهام مصر، ووقت النكسة عبر قصف وتدمير سفينة الأبحاث الأمريكية «ليبرتى» لتوريط مصر.. وفى أواخر الثمانينات فجر جهاز الموساد نادياً ليلياً بألمانيا وقُتل فيه مجموعة من الجنود الأمريكيين، واتهمت ليبيا، فقصفها «رونالد ريجان»، وماتت بالقصف ابنة معمر القذافى ذات السنوات الأربع (فضح الأمر ضابط الموساد السابق «فيكتور أوستروفسكى» فى كتابه «طريق الخديعة»). وفضلاً عن كل ذلك هناك العديد من التحليلات ذات الوجاهة والتى تربط بين الموساد وتفجيرات الحادى عشر من سبتمبر.
فى الثمانينات، قال الأدميرال «توماس مورار»، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، إن الشعب الأمريكى قد يخرج حاملاً السلاح إذا ما عرف قدر هيمنة اللوبى اليهودى على الحكومة الأمريكية. وهى «الهيمنة» التى تحدث عنها قبله السيناتور «جيمس فولبرايت»، حاكم ولاية «أركانساس» من منتصف الأربعينات لمنتصف السبعينات، حين قال إن إسرائيل تهيمن على مجلس الشيوخ الأمريكى وإنه من المحتم القلق على مصالح أمريكا.. وقد أيده رأى الكاتب والسياسى الأمريكى الكبير «باتريك بوكانان» حين قال «إن الكونجرس الأمريكى منطقة محتلة إسرائيلياً». سر هيمنة إسرائيل على أمريكا لخصه «هنرى فورد»، مؤسس شركة السيارات الشهيرة، حين قال: «يتم تلاعب يهودى بحملات الانتخاب الأمريكية وتجهيز مسبق لأدلة كافية لمحو الثقة بأى مرشح إذا ما احتاج سادته اليهود ذلك».
اللوبى اليهودى المسيطر على الإعلام يعاقب أى مسئول أمريكى يغرد خارج السرب؛ فبعد اقتراب «بيل كلنتون» من إحراز اتفاق للسلام تم تدميره بفضيحة «مونيكا ليونيسكى». وبعد وضوح ميل أوباما للعالم العربى تم تداول معلومات عن أصله المسلم واحتمالية كونه ليس من مواليد أمريكا أصلاً. ولذلك فـ«ترامب» جاء ليأخذ أمريكا لحالة انكماش (وقف دعم ميليشيا داعش، وانسحاب من معاهدة نافتا مع كندا، ورفض اتفاقية كيوتو بسبب الصين، وبناء سور بحدود المكسيك، واحتمالية التخارج من الناتو)، ولم يذكر كلمة واحدة عن القضية الفلسطينية، بل أعلن أنه قد يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
الدولة الأمريكية لا تجنى من إسرائيل إلا الشوك، ولكن إن كان اللوبى اليهودى فيها غير قادر بالضرورة على إنجاح أى مرشح لأى وظيفة، فمن المؤكد أنه قادر وبفاعلية كبيرة على تدمير أى حد. وما علينا فهمه هو أن الصهاينة لا يؤثرون فى السياسة الأمريكية فحسب بل هم يهيمنون عليها عبر السيطرة على الرؤوس والأذناب جميعها، ودون أى استثناءات!

No comments:

Post a Comment