Translate

Sunday, December 25, 2016

خالد منتصر - سجن الوصمة - جريدة الوطن - 25/12/2016

امرأة وفقيرة وكمان سجينة!! قنبلة ثلاثية شديدة الانشطار والتدمير ووصمة عار، هى كالوشم لا تمحوه إلا مية النار التى تأكل حتى نخاع العظم!!، حضرت العرض الخاص لفيلم «سجن الوصمة» عن هذه القضية قضية سجينات الفقر الذى كتبته وقدمته الكاتبة نوال مصطفى، التى نذرت حياتها لهذه القضية، وأنشأت لها جمعية خاصة وهى جمعية رعاية السجينات التى تشرف عليها، بدأت علاقة نوال مصطفى بتلك القضية من خلال تحقيق صحفى عادى جداً وروتينى نُشر فى جريدة الأخبار، لكن بحس نوال الرومانسى الروائى المهتم باللقطة الإنسانية، الذى يهتز لامرأة سجينة ملتاعة حائرة تائهة قررت أن تكون تلك القضية قضية عمرها، ذبحها بسكين من الوريد إلى الوريد مشهد أطفال السجينات بعيونهم التائهة الباحثة عن لحظة أمان ودفء احتضان، جمعت نوال مصطفى كل تلك الخيوط الإنسانية ونسجتها صرخة إنذار على الشاشة، اقتربت وأنا أشاهد الفيلم لأول مرة من قضية غاية فى الخطورة، وهى رفض ولفظ المجتمع لتلك السجينة المظلومة، التى سُجنت فى وصل أمانة وقّعته لتجهز ابنتها أو تشترى ثلاجة أو تسعى لجدران بيت يضمها أو سقف يظللها، هذه السجينة بعد الإفراج عنها تظل وصمة السجن تلاحقها كاللعنة الأبدية ويرفض أصحاب العمل توظيفها حتى بأبخس الأجور، سجينات الفقر مجموعة مآسٍ بشرية تثير الحزن والشجن والبكاء واللوعة، ذوات نيات حسنة، يعافرن مع الحياة البخيلة الضنينة بمخالب منهكة مقصوصة التأثير واهنة الأثر، لكن هل اكتفت نوال مصطفى بمصمصة الشفاه وكتابة معلقات الرثاء وقصائد البكائيات، تحركت نوال بحسها الإنسانى والصحفى والروائى، اتجهت إلى وزارة الداخلية واتفقت مع إدارة سجن القناطر على تدريب تلك السجينات على أعمال تساعدهن بعد خروجهن من الزنازين، ولكن ماذا عمن تم الإفراج عنهن؟، أيضاً شكلت الكاتبة لجنة من الجمعية وبدأوا البحث عن منافذ وحلول، تكونت ورش عمل وتدريب للتخلص من تلك الوصمة، بقى الجزء الثقافى الذى يمهد لتقبل تلك السجينات، وكانت هذه وظيفة الفيلم الذى شهد تفاعلاً وتشجيعاً رائعاً من الحضور الذين ضموا نخباً ثقافية وفنية وصحفية وجمهوراً عريضاً من المهتمين ومن الشباب، أتمنى مزيداً من الاهتمام من الإعلام لتلك القضية الإنسانية الخطيرة، كان حقاً مهرجان احتفاء فى مسرح الهناجر، وأعتقد أنه سيكون بادرة طيبة وبذرة مثمرة لمزيد من إلقاء الضوء على تلك القضية المهمة.

No comments:

Post a Comment