Translate

Friday, December 9, 2016

خالد منتصر - حتى لا تكون مكاسبك هبة سوزانية أو جيهانية - جريدة الوطن - 9/12/2016

«يتم سحب الحضانة عن الأم حال زواجها وتنتقل إلى الأب بعد أن يلتزم بتوفير من يقوم على رعاية الابن سواء كانت زوجته أو أى امرأة من العائلة».. هذا هو نص التعديل الذى قدمته نائبة أسيوط فى مجلس النواب وتحمس له ستون عضواً فى البرلمان، وسواء وافق المجلس أو رفض فإن ما جذب انتباهى هو حالة الحماس لدعم اقتراح النائبة، وما أدهشنى هو أن مقدمته نائبة وليست نائباً!!، مما جعلنى أطرح سؤالاً مهماً عن جدوى وحقيقة ومصداقية مكاسب المرأة التى تتآكل بالتدريج ويتم التنازل عنها طواعية بالـ«سلوو موشن» والتنويم المغناطيسى الدينى والاجتماعى والعرفى والتقاليدى للنساء الفرحات بالقيود واللاتى يتخيلن أنها أساور ذهبية!!
هل هذه المكاسب نتيجة اقتناع حقيقى من الشعب المصرى بأهمية حرية المرأة ومنحها حقوقها المغتصبة.. أم أنها هبة سوزانية جيهانية من زوجات الرؤساء جاءت سهلة فطارت وتبخرت بنفس السهولة؟!
بالطبع لا أنكر الخبرات والأصوات والمخلصات من نساء مصر المقتنعات بجد والمستنيرات بحق وحقيقى واللاتى دفعن أثماناً باهظة نتاج إعلان آرائهن من سمعتهن فى مجتمع أسهل سلاح لديه أن ينهش ويجرس سمعة وشرف نسائه!!
لكن هل هذه الأصوات تعبر عن تيار جارف واضح داخل المجتمع المصرى هذا هو السؤال؟
الأرض الخصبة لمكاسب المرأة تتصحر، ونفس النظرة الاجتماعية الدونية لها ما زالت تعشش كالعنكبوت فى نخاع الوطن وتلافيف نافوخه وشريط وجدانه الكروموسومى!، ما زالت المطلقة على سبيل المثال تحمل نفس وشم الخطيئة الذى لا يزيله ماء النار، إن ظلت فى بيت الأسرة فهى مصدر شؤم وكآبة ونحس وحسد، وإن تزوجت فهى امرأة لعوب تستجيب لشهواتها القذرة، يتساءل المجتمع المتدين بطبعه وبالفطرة «جالها عين إزاى هذه المطلقة التى تجرأت وتزوجت تانى؟»، عقابها هى أن تفقد طفلها ويتم إذلالها فهى تريد التمرد على منصب المفعول به وترفض أن تكون موظفة فى إدارة الانسحاق النسائى!!، هناك أصوات ارتفعت تطالب بإلغاء الخلع، وهناك أساتذة وأطباء ومهندسون من النخبة ما زالوا يرددون أن المرأة شيطان وأن النساء أكثر أهل النار، وما زالت هناك إعلاميات كبيرات يرددن نفس الكلام الخايب عن لا جدوى عمل المرأة ووجوب جلوسها فى البيت... إلى آخر هذه الهلاوس التى للأسف تسكن عقول النساء بنفس الرسوخ الذى تسكن به عقول الرجال، المزاج المصرى صار كارهاً للمرأة، لديه فوبيا من تاء التأنيث، برهامى حتى النخاع، حوينى من المصارين حتى كرات الدم الحمراء، متربص للإطاحة بكل ما اكتسبته البنت المصرية والمرأة والزوجة والأم طوال تلك السنوات، يتمنى الإطاحة به فى لحظة وبلكمة قانونية واحدة بالضربة القاضية الذكورية!، ما حدث داخل البرلمان أيام ما أطلقوا عليه قانون جيهان من رفض وتلسين ومقاومة، وما حدث أيضاً عند مناقشة قانون الخلع، لم يحسم الجدل بصراحة ومن الآخر وبدون لف ودوران إلا العين الحمرا والأوامر السرية من فوق وفرمان حرم الريس ومساندتها ودعمها!!، وهذا لم يكن عيباً رهيباً إنما العيب أن يكون التيار الرجعى الفاشى المضاد أقوى أثراً، ينسحب فقط ويخفض صوته ويخبئ أسلحته عندما يرى السلطة تريد تجميل الصورة، الحقوق تنتزع ولا توهب، وهدفنا ألا تكون مكاسب المرأة مجرد ديكور من ذكور!!

No comments:

Post a Comment