Translate

Sunday, March 26, 2017

خالد منتصر - أزمة الإسلام مع السياسة - جريدة الوطن - 26/3/2017

تمر علينا ذكرى ميلاد الكاتب الصحفى والروائى المبدع فتحى غانم الذى كلما مرت المزيد من السنين، أحسست بأن هذا الرجل قد ظُلم ولم يأخذ حظه من التقدير سواء على المستوى الصحفى المهنى أو على المستوى الإبداعى الروائى، وربما فى الصحافة كان الغبن أشد والإجحاف أقسى، فتحى غانم كان صحفياً يمتلك حساً مهنياً ولغة راقية وقدرة تحليلية فيها من صرامة ودقة لعبة الشطرنج التى كان يعشقها الكثير، غانم له كتاب رائع ومهم عبارة عن مجموعة مقالات كان قد نشرها فى روز اليوسف عنوانه «أزمة الإسلام مع السياسة» ما أحوجنا إليه الآن، أتمنى من الصديق أسامة سلامة بصفته المشرف على سلسلة الكتاب الذهبى أن يعيد طباعته، وسأقتبس لكم من مقدمة الكتاب بعض العبارات دون تعليق لتعرفوا كم كان فتحى غانم مستقبلياً يعرف ويتنبأ بأن تلك الأزمة ستكون هى حديث العالم فى القرن الحادى والعشرين، وأن النتيجة ستكون داعش!!، يقول فتحى غانم فى كتابه:
أخطر قضايانا المستعصية هى قضية العلاقة بين العقل والتفكير الحر من ناحية والعقيدة الدينية من ناحية أخرى، هناك حاجز قائم يعزل العقل عن الدين.
عندما وقف الاجتهاد وتعطل العقل وانصرف الاهتمام إلى الترف والصراعات بين الرياسات، كان قد استقر فى أذهان السلطات الحاكمة، أن الله يحفظ المسلمين من كل سوء، وأنهم انتصروا على الصليبيين وانتصروا على التتار، لن يهزمهم أحد، فلما جاء نابليون بتكنولوجيا عسكرية جديدة أُسقط فى يد العالم الإسلامى، وما زال حتى يومنا هذا يبحث عن مخرج للأزمة التى وقع فيها، وينفر من الذين يذكّرونه بأنه خسر معاركه لأنه عطل عقله.
بدأت مع تكاثر التحديات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية تظهر عقول تريد أن تفكر، من بين شباب بلغ سن الرشد أو كاد، فى مجتمع قامت تقاليده على الفصل بين العقل والتفكير فى الدين، الجوائز لحفظ القرآن وليس لفهمه، والذين يتحدثون فى الدين يتشنجون معظمهم ويملون الأحكام ويصدرون التعليمات، وكأن كلامهم حاسم نهائى، وأغلب السامعين محرومون من القدرة على مناقشة ما يسمعونه، وعليهم الإذعان والخضوع، ونتيجة ذلك أننا نحتشد فى مجتمعات عاجزة تماماً عن فهم لغة العصر، عاجزة تماماً عن المشاركة فى العلوم والفنون والابتكارات التكنولوجية التى تعتمد على قدرة التمييز والإدراك والتعامل مع أدوات تتطلب سرعة البديهة والقدرة على اتخاذ القرار، وهو أمر لن يتحقق لطفل قضى حياته الأولى يحلم بجائزة حفظ آيات القرآن الكريم، وأصبح الحفظ لا الفهم هو السلوك الذى اعتاد عليه.
بديهى أنه ليس من الإسلام فى شىء ألا نواجه القضايا الأساسية بعقولنا، فهكذا طالبنا الحق بأن نتعرف على وجوده، وأنه وحده لا شريك له، العقل هو الضمان الأكبر لبقاء الإسلام ولازدهار الإيمان، أن يكون مجتمع المؤمنين مجتمع عقلاء، تكون فيه السيادة للعقل أولاً.
بغير تحكيم العقل تتعرض المجتمعات الإسلامية لمخاطر تطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقاً سطحياً ظاهرياً، ويتحول هذا التطبيق إلى فرض أحكام جائرة، ومظالم بشعة، وغسيل عقول للشباب والصبية الذين يلقون وقوداً فى حروب باسم الإسلام وهم ما زالوا أطفالاً.
إن التاريخ يذكر لنا أن علماء بخارى قالوا لأميرهم 1875 أنه ليس بحاجة إلى علوم حديثة ولا أسلحة حديثة وأنه يكفيه أن يرددوا آيات من الذكر الحكيم، ثم يوجهوا أنفاسهم فى اتجاه العدو قيصر روسيا، فينصرهم الله على أعدائهم الكفار، ولم يستطع أن يقاوم أمير بخارى ضغوط المؤمنين، وكانت النتيجة أن سقطت بخارى!!.

No comments:

Post a Comment