Translate

Friday, March 3, 2017

د. عماد جاد - أرض الآلام (٢) - جريدة الوطن - 4/3/2016

منذ عودتها إلى الوطن تعرضت سيناء للإهمال الشديد، اكتفى نظام مبارك منها بعدد من المنتجعات، ومواقع التعدين، ولم يضع النظام خطة لتطوير شبه جزيرة سيناء ولا كانت لديه رؤية للتعامل مع أهل سيناء، حيث جرى التعامل معهم من خلال منظور أمنى ضيق تعامل مع أهل سيناء باعتبارهم مشتبهاً بهم، كانت مصر تتذكر سيناء فقط مرتين فى العام، فى السادس من أكتوبر مع حلول ذكرى انطلاق الحرب التى أعادت سيناء إلى الوطن، والخامس والعشرين من أبريل فى ذكرى رفع العلم المصرى على العريش فى الشمال وشرم الشيخ فى الجنوب، وجرى اختزال ذكرى العودة فى مجموعة من الأغانى التى تحتفى بعودة سيناء كاملة لحضن الوطن، وهو ما تم عام ١٩٨٩ بعودة الكيلومتر المربع الأخير ممثلاً فى طابا.
وقعت ثورة عظيمة رفعت شعارات العيش، الحرية والعدالة الاجتماعية، رحل نظام مبارك وبدأت ملامح نظام جديد فى التشكل ووصل مرشح جماعة الإخوان المسلمين إلى رأس السلطة التنفيذية، مع وعود هائلة بحدوث تغير حقيقى فى التعامل مع قضايا الوطن، ويوماً بعد آخر تكشفت حقائق جديدة أمام المصريين أبرزها أن الدكتور مرسى الذى يمثل جماعة الإخوان ليس وحده فى المشهد، فهناك الشقيقة الصغرى حركة حماس التى تسيطر على قطاع غزة، الجار الشمالى الشرقى الذى يرتبط مع سيناء بحدود تبلغ أربعة عشر كيلومتراً، يوجد بها منفذ حدودى فى مدينة رفح، وتحت سطح الأرض تعمل مئات الأنفاق فى تهريب كل ما يمكن تهريبه من سلع ومعدات، سيارات ومواد غذائية بل وبشر وسلاح أيضاً.
الإخوة فى حماس كان لهم دور كبير فى التخطيط لاستغلال ثورة الشباب المصرى من أجل تمكين مركز الجماعة فى مصر، الهجوم على السجون المصرية وتهريب مساجين الجماعة وعلى رأسهم من شغل منصب رئيس الجمهورية، فقد كان مرسى فى السجن ليلة اقتحام السجون المصرية من قبل عناصر من حركة حماس تساعدها عناصر من حزب الله اللبنانى، تم اقتحام سجن وادى النطرون وجرى تهريب مرسى ورفاقه، واحتفلت حركة حماس بأداء المهمة بنجاح، وكان منطقياً وطبيعياً أن تتطلع حماس إلى جنى ثمار المرحلة الجديدة بأن قفز عنصر الجماعة الذى تم تهريبه من سجن وادى النطرون ليلة الثامن والعشرين من يناير ٢٠١١ إلى كرسى الرئاسة، فُتحت الحدود المصرية أمام عناصر الحركة وجرى رفع القيود التى كانت مفروضة على المرور عبر معبر رفح، كما صدرت الأوامر بغض الطرف عن عمل الأنفاق وترك الشقيقة الصغرى حماس تحصل على ما تريد من مواد مشروعة وغير مشروعة، من مواد غذائية مصرية مدعومة ومواد طاقة بأسعار زهيدة إلى الحصول على السلاح والمتفجرات، أصبحت سيناء فى المشهد الجديد مرتعاً للجماعات الإرهابية التى وفدت إليها من جبال أفغانستان وباكستان، من البوسنة والشيشان، بل وجاء إليها متشددون ألمان من أصول تركية، سيطرت هذه العناصر على مساحات كبيرة من شمال سيناء وبدأت تقلص من وجود الدولة المصرية، حاربت مراكز الشرطة هناك وواصلت الاعتداء عليها، ثم جاءت جريمة قتل ستة عشر ضابطاً وجندياً مصرياً فى أغسطس ٢٠١٢، وهى الجريمة التى مثلت علامة شديدة الخطورة لا سيما بعد تعمد مؤسسة الرئاسة إعاقة التحقيقات فى هذه الجريمة وقرارها بوقف عمليات الجيش فى منطقة جبل الحلال، التى كانت تستهدف القضاء على تمركز الجماعات المتشددة، أعاقت الرئاسة هذه العمليات واستغلت الجريمة فى الإطاحة بالمشير والفريق، وبمرور الوقت بدأت تتكشف ملامح خطة الجنرال الإسرائيلى جيورا إيلاند القائمة على حل نهائى للقضية الفلسطينية من خلال مبدأ تبادل الأراضى، الذى يتضمن تنازل الجماعة للشقيقة الصغرى فى غزة عن جزء من أرض الوطن والتمهيد لذلك عبر تمكين فلسطينيين من الاستقرار فى المنطقة الحدودية ومنح آلاف منهم الجنسية المصرية كى يشرعوا فى عملية شراء أراض هناك تخلق واقعاً جديداً إلى أن تحين فرصة إرساء نموذج لتبادل الأراضى تقتطع من خلاله قطعة من أرض سيناء، تمنح للشقيقة الصغرى الموجودة فى قطاع غزة، وإلى أن تتمكن قواتنا المسلحة من القضاء على العناصر الإرهابية الموجودة فى سيناء وتفرض سيطرتها على الحدود، ستظل سيناء بمثابة أرض الآلام للمصريين من مدنيين وعسكريين.

No comments:

Post a Comment