Translate

Wednesday, March 22, 2017

د. على السلمى - تساؤلات تبحث عن مجيب! (1 - 2) - جريدة الوطن - 13/3/2017

فى وقت غابت فيه الأحزاب والقوى السياسية عن القيام بدورها الوطنى فى متابعة السلطة التنفيذية وتقييم أداء السلطة التشريعية، وفى وقت لم تشرق فيه بعد إشراقة الدستور الذى وافق عليه 98% من الناخبين الذين شاركوا فى الاستفتاء عليه منذ أكثر من عامين، وفى وقت انشغل فيه مجلس النواب «الموقر» بمشاكله الداخلية عن تفعيل صلاحياته التى نص عليها الدستور فى المادة 101 التى حددت أن يتولى المجلس التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، فلم نسمع أو نقرأ أنه تمت مناقشة أسئلة أو استجوابات قدمها أعضاء فى المجلس تتناول أداء الحكومة المتردى فى أغلب الموضوعات ذات الأهمية للمواطنين!
وفى وقت غاب فيه الإعلام الوطنى الرصين الذى يتابع أمور الوطن ويعبر عن آمال الشعب وآلامه ومشاكله، وغاب النقد البناء الذى هو فى صالح المسئولين قبل أن يكون ضدهم، وفى وقت انشغل فيه المجتمع المدنى ومؤسساته المختلفة بمشكلات الإرهاب الذى طال أمده وتنوعت أساليبه فى القتل والتدمير بشكل لم يعد مقبولاً استمراره دون ردع قاسٍ وحاسم، وفى وقت سادت المشهد المصرى تنويعات وابتكارات من صنوف الفساد وتغول الفاسدين والمفسدين، وتحققت الآية الكريمة «ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون»، بل إن الفساد أصبح من العلامات المعتبرة فى مصر، وفى وقت تدنى فيه الأداء المصرى فى كل المجالات وحققت مصر أدنى المراتب فى مجموعة معتبرة من المؤشرات الدولية، إلى الحد الذى جعل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن يبرزها فى الصفحة الرئيسية لموقعه على شبكة الإنترنت! فإن مصر تقبع فى مراكز متدنية فى المؤشرات الدولية نتيجة لسنوات الاستبداد والحكم غير الديمقراطى وإهدار الدستور وإنكار سيادة القانون وعدم احترام أحكام القضاء طوال سنوات الحكم الشمولى منذ 1952 حتى قيام ثورة 25 يناير 2011، ومن أسف أنه رغم تفجر ثورة 30 يونيو 2013 وبدء عهد جديد منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، إلا أن سياسات وتوجهات ونظام الحكم الآن لا يزال يكرر ذات السلبيات التى سادت مصر عبر أربعة وستين عاماً!! واستمر ترتيب مصر فى عدد من أهم المؤشرات الدولية متدنياً لدرجة تعكس مدى سوء الأحوال سياسياً واقتصادياً وتنموياً ومجتمعياً: ففى 2016 كان ترتيب مصر فى دليل الأداء البيئى 104 من بين 180 دولة، وترتيبها فى دليل التنمية البشرية 108 من بين 188 دولة، وموقعها فى دليل التنافسية العالمية 115 من بين 138 دولة، وترتيبها فى مؤشر تحقيق المتطلبات الأساسية من الصحة والتعليم الأساسى 89 من بين 138 دولة، وعلى المؤشر العالمى لحرية الصحافة كان موقع مصر 159 من بين 180 دولة.
وفى وقت تدنى فيه مركز مصر فى مؤشرات أخرى أكثر قتامة وهى فيه مراتب غير مقبولة من دولة تريد النهوض من كبوة طالت لسنوات، فقد احتلت مصر المركز 108 من مجموع 176 دولة فى مؤشر الفساد، وكلما كان ترتيب الدولة أقرب إلى الواحد الصحيح كانت أقل فساداً! ومصر 2016 كانت ضمن المجموعة الأكثر فساداً فى العالم، بينما كانت الدنمارك هى الدولة الأقل فساداً، واشتركت مصر مع كل من الجزائر وساحل العاج وإثيوبيا وجيانا فى نفس الترتيب 108.
فى هذا الوقت الذى لا توجد فيه مجالات مقننة للحوار المجتمعى ومناقشة القضايا الوطنية ولا توجد قنوات مقبولة شعبياً ووطنياً للتعبير عن مطالب الناس ومشاكلهم وتوقعاتهم لمصر فى الحاضر والمستقبل، بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، لا يبقى سوى التوجه بالتساؤلات عبر مقال فى صحيفة، حيث لا تجد إجابات لها فى تصريحات المسئولين ولا فى قراراتهم.
والتساؤل الأول هو ماذا كانت معايير وأسباب التعديل الوزارى؟ وهل كان ذلك التعديل بسبب أخطاء وقع فيها الوزراء الذين خرجوا أو كان التعديل بسبب عدم التوفيق أو غياب الكفاءة والمقدرة دونما تقصير أو تهاون؟ وهل تم حساب المقصرين أو تم تلافى احتمال تكرار فشل الفاشلين وقت اختيار الوزراء الجدد الذين انضموا إلى هيئة الوزارة؟
والتساؤل الثانى، هل تقدم الوزراء الجدد بأفكار ومقترحات قابلة للتنفيذ وتتناسق مع التوجهات الاستراتيجية للدولة كانت أساس اختيارهم؟ وهل تم توضيح التكليفات لهؤلاء الوزراء الجدد بضرورة إعلان خططهم وبرامجهم وإتاحة الفرص لمناقشتها فى مجلس الوزراء أو فى مجلس النواب «الموقر» أو فى مؤتمرات إعلامية معلنة مواعيدها مسبقاً وذلك للتعرف على مدى قابليتها للتنفيذ قبل أن يغامر السادة الوزراء باتخاذ قرارات غير مدروسة وصادمة تتسبب فى غضب الجماهير كما حدث فى واقعة إلغاء الكروت الذهبية الخاصة بالخبز وما أدت إليه من تظاهرات لم يوقفها سوى التراجع عن ذلك القرار!
والتساؤل الثالث، إلى متى تستمر الحكومة ومصر فى الحقيقة هى التى تتحمل فى سياسة الاقتراض دون تخطيط مدى القدرة على رد تلك القروض وفوائدها فى وقت لم تحدث انطلاقة فى الصادرات ولا تقييد واضح الأثر فى الواردات، ودون تشغيل للمصانع المتوقفة من سنوات، ودون تطبيق لدراسات متكررة لصناعة أساسية هى الغزل والنسج وبالتالى تردى أوضاع تلك الصناعة وكثير غيرها، بمعنى عدم اقتحام مشكلات الصناعة الوطنية ومن ثم عدم خلق مجالات جديدة للتوظف وبقاء معدلات البطالة على حالها إن لم تصبح أسوأ!
والتساؤل الرابع، ماذا تحقق من استراتيجيات متعددة كانت محل إطناب من وسائل الإعلام وكثرت أحاديث وتصريحات المسئولين بشأنها، وعلى سبيل المثال ماذا تحقق من استراتيجية التنمية المستدامة 20/30، وماذا حققت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2014/2018، وماذا تم فى موضوع إعادة هيكلة قطاع الأعمال العام، وهل حقق الإصلاح الإدارى نتيجة ما؟
وثمة تساؤل خامس، وقد أعلن وزير الموارد المائية والرى أن مصر تواجه تحديات مائية عديدة، أهمها: التغيرات المناخية، وزيادة عدد السكان مع ثبات حصة البلاد من مياه نهر النيل، بالإضافة إلى التلوث، فضلاً عن تحديات «خارجية لم يسمها»، كما أكد قدرة مصر على تحويل تلك التحديات إلى فرص، مشيراً إلى التوجه الاستراتيجى للدولة نحو تحلية مياه البحرين الأحمر والمتوسط، وأعرب عن أمله فى إيجاد تكنولوجيا مصرية لتحلية المياه، وأشار إلى أن هناك رؤية خاصة للتعامل مع التحديات المائية حتى عام 2050، ترتكز على 4 محاور، منها التعاون الخارجى مع دول حوض النيل والعالم.
والتساؤل لماذا لم يتطرق سيادة الوزير إلى قضية سد النهضة وما إذا كانت المفاوضات مع المكتب الاستشارى لم تزل مستمرة، وهل يتوقع إجراء تلك الدراسات «الاستشارية» غير الملزمة للجانب الإثيوبى والحصول على نتائجها قبل احتفال إثيوبيا بملء السد!!!!
وتساؤل آخر وليس الأخير، متى يبدأ تطوير منظومة التعليم، ومتى يتم البدء فى تحقيق استقلال الجامعات ويعلن مشروع القانون الجديد لتنظيم الجامعات الذى تداول عليه ثلاثة وزراء للتعليم العالى دون أن يظهر؟


No comments:

Post a Comment