Translate

Friday, March 10, 2017

خالد منتصر - جلطة الوطن تحتاج «By PASS» والبراد يحتاج منفذاً للبخار - جريدة الوطن - 11/3/2016

صانع براد الشاى لا بد أن يترك فيه منفذاً للبخار، وكذلك الحلة البريستو لا تستطيع تصميمها مهما كانت جودة طبخها وتسويتها للطعام بدون هذا الثقب الذى يسمح بالتنفيس وإعطاء صفارة إنذار قمة الغليان. الخالق عز وجل عندما خلق لنا شبكة الشرايين والأوردة والدورة الدموية خلق لنا بجانب الشريان الرئيسى والدورة الرئيسية ما يطلق عليه COLLATERAL أى دورة دموية جانبية تسمح للدم بأن يسير فيها إذا انسد الشريان الرئيسى بجلطة، جراح القلب الماهر حين تسد أمامه جميع الطرق وتفشل القسطرة والدعامة وتتعرض عضلة القلب للتليف والفشل وافتقاد المرونة العضلية وعدم القدرة على الانقباض والانبساط والموت المحقق، لا يجد أمامه حلاً سوى الـ«BY PASS»، أى خلق طريق جانبى للدم عن طريق وصلة وريد مأخوذة من الساق أو من الثدى لكى تستمر الحياة، وكما الطبيعة والجراحة وصناعة أباريق الشاى وحلل الضغط لا بد أن تكون السياسة أيضاً، اترك متنفساً للبخار ومنفذاً للغليان، اخلق collateral وby pass لاستكمال الدورة الدموية السياسية والاجتماعية، تصلب الشرايين السياسى وانسداد الأفق الاجتماعى والجلطة الاقتصادية، إذا لم تسارع بعلاج كل تلك الانسدادات بطريق جانبى سريع و«باى باس» جراحى عاجل ستخلق انفجاراً، حرية التعبير هى هذا المنفذ والتنفيس والكولاترال والباى باس، حتى فى ظل الانتعاش الاقتصادى والثراء والرخاء إذا تم منع هذا التنفيس سيحدث الانفجار، وللأسف سيكون عشوائياً، والمحزن أن المستفيد منه هو المتربص المنظم المستعد لتلقى ثمرة الاضطرابات، ولنا فى زمن شاه إيران بمليارات بتروله التى لم تشفع له فى كبته وسده لمنافذ التعبير وحصاره لمنصات الحرية فحدثت الثورة وسقطت فى أيدى الملالى.
لا يمكن أن أتصور دولة تخشى مقالاً أو «مانشيت» وتهتز لبرنامج أو فقرة كوميدية. مصر بلد كبير وعريق يمتلك أقدم حكومة وأقدم تاريخ، أن ينتفض برلمانه لملاحقة صحفى وتقديم بلاغ فيه إلى النائب العام، هذا يعنى كارثة وينذر بمصيبة ويشى عن هشاشة لا أتصورها فى برلمان منتخب أصل انتخابه الدفاع عن حرياتنا وعلى رأسها حرية التعبير، هل إبراهيم عيسى يمثل كل هذا الخطر على مصر؟ هل إبراهيم عيسى أخطر على مصر من ياسر برهامى وحزب النور والسلفيين وفتاويهم العنصرية التكفيرية؟! الذكاء السياسى والحصافة الإنسانية، ولن أقول السياسية، تحتم على أى مسئول حتى ولو كان يكره فلاناً كراهية التحريم أن يستفيد من طاقاته، أن يستثمر أى طاقة نور فى شخصيته، حتى أشرار السياسة ومحترفى الديكتاتورية فى جمهوريات الموز اللاتينية ينصحون بذلك الآن بعد تجاربهم المريرة أثناء حكم أباطرة الديكتاتورية فى دول أمريكا الجنوبية. الاصطفاف الوطنى شىء والانسحاق الفكرى شىء آخر، كلنا صف واحد ولكننا لسنا نفس الطول ولا لون العيون ولا البشرة ولا الوزن، وطبعاً لسنا نفس الفكر ولا التوجه ولا الأيديولوجية، لكننا جميعاً نقف على أرضية مشتركة هى أرضية الوطن، الإخوان يقفون على أرضية التنظيم والخلافة والعصابة الأممية، لذلك نفيهم من المعادلة الوطنية فرض عين لأنهم هم الذين اختاروا العنف واختاروا الخيانة أيضاً، لكن من هم على شاكلة الصحفيين والإعلاميين الذين صاروا الآن لحماً مستباحاً وهدفاً للتنشين والقنص مثل إبراهيم عيسى وغيره هم ينتقدون من أجل صالح هذا الوطن، يحلمون، يمارسون حقهم فى استشراف مستقبل أفضل ولا يرفعون سلاحاً، صدقونى هم صمام الأمان من الانفجار، افتحوا المنافذ لكى يخرج البخار، فالبراد المصمت لا يصمت ولكنه ينفجر.

No comments:

Post a Comment