Translate

Sunday, March 19, 2017

د. عماد جاد - لعنة المصريين - جريدة الوطن - 19/3/2017

ما إن رشح وزير الدفاع الأمريكى السفيرة الأمريكية السابقة بمصر، آن باترسون، فى منصب مساعد الوزير، وهو رابع أكبر منصب فى وزارة الدفاع الأمريكية، حتى اندلع جدل شديد وبرزت مقاومة كبيرة لتولى «باترسون» هذا المنصب، واستند رفض أعضاء الحزب الجمهورى منح «باترسون» هذا المنصب بسبب قربها من جماعة الإخوان خلال فترة وجودها فى مصر، واستعان أعضاء من الحزب الجمهورى بمشاهد من مظاهرات المصريين فى الثلاثين من يونيو، فى بداية الثورة ضد حكم المرشد والجماعة، تتضمن صور «باترسون» وقد شطب المصريون عليها بعلامة (x) هى ووزيرة خارجيتها (هيلارى كلينتون) ورئيسها (باراك أوباما). وقد كسب الجمهوريون المعركة وخسرت «باترسون» هذا المنصب الرفيع، لتدفع بذلك ثمن معاداتها للمصريين وثورتهم فى الثلاثين من يونيو.
والمعروف أن الديمقراطيين جاءوا بالسيدة آن باترسون من باكستان كى تتولى الإشراف على وتنفيذ الصفقة مع تيارات الإسلام السياسى، فقد جاءوا بها من باكستان حيث نُسب إليها إبرام صفقة هناك بين العسكر ورجال القبائل والساسة، نقلوها إلى مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير كى تعيد إنتاج النموذج الباكستانى. عملت بهمة ونشاط، فتحت أبواب السفارة أمام قيادات وكوادر قوى الإسلام السياسى، وكانت تعرف طريقها إلى مكتب الإرشاد بالمقطم ومقار حزبى الحرية والعدالة والنور، لم تعر القوى المدنية أى اهتمام، روجت لمقولة أن القوى المدنية ضعيفة ومفككة، وهو أمر صحيح فى بداية الثورة، لكنها ثبتت هذه الصورة ولم تتوقف أمام تصاعد قوة التيار المدنى تدريجياً.
فى المقابل تولت السفيرة الترويج لزمن الإخوان فى مصر والمنطقة ككل، قدمت كل الدعم لجماعة الإخوان وحزبها، ولعبت دوراً ملموساً فى دعم مرشح الجماعة محمد مرسى لمنصب الرئيس، وما إن فاز بالمنصب حتى أعلنت الدعم الكامل له وللجماعة، قامت بجهود ضخمة مع سفراء الدول التى كانت تتحفظ على إقامة علاقات مع الجماعة، ضغطت بشدة على سفراء دول عربية كى تنفتح بلادهم على الجماعة وتدعم حكم محمد مرسى، كانت تروج أن المزاج العام فى المنطقة إسلامى، ومن ثم فإن حكم الإخوان فى مصر والعالم سوف يستمر عشرات السنين.
لم يتوقف دور «باترسون»، عندما كانت تشغل منصب السفيرة الأمريكية فى القاهرة، عند حدود دعم حكم المرشد والجماعة، بل تجاوزت كل ذلك وبدأت تقف فى وجه تطلعات الشعب المصرى للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، لم تنطق بكلمة واحدة تعليقاً على انتهاكات حقوق الإنسان المصرى، ونجحت فى ضبط ردود فعل الإدارة الأمريكية بشكل كامل بحيث لم تدن الولايات المتحدة الأمريكية الانتهاكات الجسيمة التى ارتكبت بحق المواطنين المصريين على يد نظام محمد مرسى.
تبلور الدور السلبى الخطير الذى قامت به السفيرة الأمريكية فى القاهرة، آن باترسون، مع تصاعد حدة المعارضة المصرية لحكم المرشد والجماعة، مع ظهور حركة تمرد، مع تواصل جمع ملايين التوقيعات لسحب الثقة من محمد مرسى، تجاهلت كل ذلك ولم تعر حركة الاحتجاج فى الشارع المصرى أية أهمية تذكر.
الأكثر خطورة من كل ذلك هو ما تم نشره من معلومات تفيد بدور للسفيرة الأمريكية فى ترتيب ما جرى أمام الحرس الجمهورى، فقد كانت تريد رؤية دماء وضحايا على وبجوار أسوار الحرس الجمهورى حتى تستخدم ذلك فى الحديث عن مجزرة ارتكبها الجيش ومن ثم تصعيد الموقف دولياً وربما ترتيب تحرك باتجاه مجلس الأمن لمعاقبة مصر من خلال جيشها بعد اتهامه بارتكاب مجزرة بحق مدنيين، وهو ما تم إحباطه بالإدارة الإعلامية الحرفية والشفافة من جانب القوات المسلحة. لم تيأس السفيرة الأمريكية وواصلت جهودها لتشويه خطوات ثورة الثلاثين من يونيو، واصلت اتصالاتها السرية ولقاءاتها مع رموز من «الحرية والعدالة» بحثاً عن وسيلة لإعادة محمد مرسى إلى رئاسة الجمهورية، وفى نفس الوقت عملت على عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة فى مصر وتعطيلها حتى لا تطوى صفحة «مرسى»، حكم المرشد والجماعة، استخدمت حزب النور فى الرفض غير المبرر للشخصيات التى تم تسميتها لمنصب رئيس الوزراء. هنا تدخلت الإدارة الأمريكية وقامت بسحب «باترسون» من القاهرة ومنحتها منصباً رفيعاً فى الخارجية كمساعد للوزير لشئون الشرق الأوسط، المهم لنا كان رحيل «باترسون» عن مصر، مغادرة سفيرة الشر بلادنا غير مأسوف عليها، تصاحبها لعنات بسطاء المصريين، ثوار الثلاثين من يونيو، وبرحيلها سجلت ثورة الثلاثين من يونيو انتصاراً جديداً وبعثت برسالة إلى واشنطن مؤداها أن مصر ليست باكستان، وأن فى مصر جيشاً ومؤسسات وشعباً قادراً على حماية نمط حياته واستقلال بلاده ومستعداً للدفاع عن سيادة دولته وكرامتها الوطنية.
وكان منطقياً ألا يكون لـ«باترسون» مكان فى إدارة «ترامب»، فقد لاحقتها لعنات المصريين وحرمتها من تقلد رابع أهم منصب فى وزارة الدفاع.

No comments:

Post a Comment