Translate

Friday, March 10, 2017

رامى جلال - استراتيجية تدمير صناعة السيارات - جريدة الوطن - 10/3/2016

منظومة الفشل والفساد فى بلادنا هى شبكة متكاملة من الصعب الفكاك منها، ولا يمكن لأحد أياً كان مواجهتها بفاعلية كبيرة، والأمر يحتاج إلى مؤسسات بديلة لأن سرطان الفساد ضرب البلد.. والمعلومات التالية عن نقطة فى بحر صناعة السيارات وهى خلية سرطانية واحدة، فما بالنا بمجتمع كامل؟
تبعاً لاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبى فإن الجمارك على السيارات الآتية منه لمصر ستقل إلى أن تصل إلى الصفر فى أول يناير من عام 2019. ومن هنا جاءت الفكرة المصرية اللطيفة وتتلخص فى استراتيجية جديدة لصناعة السيارات يناقشها مجلس النواب؛ حجتها هى تخفيض حجم الاستيراد وتقليل الضغط على العملة، والحقيقة هى استفادة شخص واحد وجعله محتكراً للسوق. هى استراتيجية مفصلة لخدمة أفراد ويمكن تلخيصها فى: (هما يخفضوا من هناك وإحنا نرفع من هنا).. النقاط التالية تحاول إلقاء الضوء على الأمر:
1- أصل الاستراتيجية الجديدة هو قانون قديم وضعه الوزير السابق رشيد محمد رشيد ويسمى «قانون تنمية وتطوير صناعة المركبات والصناعات المغذية لها»، وهو قانون حسن النية تم ركنه بالأدراج بعد الثورة إلى أن أحياه وزير تجارة وصناعة مصرى أسبق، ليتحول «حسن النية» إلى «حسن ونعيمة»، فالوزير هو نسيب تاجر السيارات، المستفيد الأكبر من القانون الجديد، الذى سيتحول إلى المحتكر الأوحد للسيارات فى مصر. (وهو نفسه من احتكر بماركة سيارته التى يُجمعها نحو نصف عدد سيارات مشروع إحلال التاكسى الأبيض الجديد خلال السنوات السبع الماضية. وهو ذاته من احتكر صناعة التوك توك والدراجات النارية من قبل).
2- ستفرض الاستراتيجية الجديدة ضرائب على السيارات وارد الاتحاد الأوروبى فى حدود من 65% إلى 300% تبعاً للسعة اللترية للمحرك! والمستهلك طبعاً هو من سيدفع، أما من يُجمع السيارات فى مصر فسيتم إعفاؤه من هذه الضريبة إذا استوفى أياً من ثلاثة شروط (لن يصل إليها إلا نسيب الوزير وحوت آخر واحد فقط لا غير)، ومن هذه الشروط: إنتاج 20 ألف سيارة من الموديل نفسه فى أول سنة.
3- الاستراتيجية الجديدة ستُخرج من السوق كل من لا يتمكن من الوصول لشروط الاستراتيجية. وهذا سيقلص عدد مراكز الصيانة والخدمة، وسيضيف فنيين لطابور البطالة.
4- بعد الاستراتيجية الجديدة لن تتوافر للعمالة أى خبرات تجميعية إلا فى موديلات قليلة قديمة نسبياً ومحدودة التكنولوجيا (التى يملكها نسيب الوزير).. ولن يتم بيع إلا تلك الموديلات القديمة من السيارات بأسعار كبيرة بسبب الاحتكار.
5- استخدام السيارات قليلة التكنولوجيا سيوقف حركة التصدير المصرية، وسيتسبب فى زيادة نسبة حوادث الطرق، وأعطال السيارات، والاختناقات المرورية، فضلاً عن التلوث وانبعاثات الكربون مما سيدمر بيئة البلد وصحة مواطن البلد. أما تدنى كفاءة المحركات فسيزيد معدلات استهلاك البنزين، وكله من جيب المواطن.
6- مصر واحدة من أكبر خمس دول أفريقية جذباً للاستثمار الأجنبى المباشر، والاتحاد الأوروبى هو أحد المصادر الرئيسية لهذا الاستثمار. والاتحاد لن يسمح لمصر بهذا التلاعب، وسيؤثر ذلك على صناعة السيارات وعلى صادرات مصرية أخرى بشكل عام؛ حيث يمكنه اتخاذ إجراءات انتقامية كثيرة. (اعترضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على القانون فى زيارتها الأخيرة لمصر).
7- ستكون للسوق المحلية ميزة احتكارية، وبالتالى فلن يهتم أحد بالتصدير، وسيتم تدمير صناعة محلية هى تعانى بالأساس. والشركات الأجنبية الأم ستفرح بذلك وتستغله عبر إعطاء المُصنعين المحليين التراخيص لإنتاج نماذج قديمة لا تُنتج فى دول أخرى ولن يمكن تصديرها!

No comments:

Post a Comment