Translate

Sunday, February 12, 2017

خالد منتصر - لماذا يكره المتأسلمون الفن؟ - جريدة الوطن - 12/2/2017

لم يصدق الكثيرون أن الشاب المصرى عبدالله، صاحب حادثة اللوفر، كان يريد تمزيق اللوحات أو تحطيم التماثيل فى المتحف، لكنى على العكس صدقته، من الممكن أن تكون هناك أغراض أخرى، بالإضافة إلى تخريب الأعمال الفنية، لكنى مصدق بل واثق من كم الكراهية والغل التى يحملها هذا النموذج المتأسلم الداعشى للوحة والتمثال، عبدالله الشاب ابن العائلة الشرطية، الذى يعيش مستوراً فى مدينة المطرية المطلة على البحر بكل جماله وسحره، المفروض أن يفرز هذا الجو فناناً كما أفرز من قبل شاعرنا الراحل العبقرى سيد حجاب ابن المطرية، الذى كانت بداية إلهامه ومصدر وحيه وتشكيل وجدانه وفنه من البحر والصيادين، لكن مناخ عبدالله الحماحمى كان مختلفاً تماماً عن مناخ سيد حجاب، مناخ أفرز فناناً ومناخ أفرز داعشياً، عداء الفن ومخاصمته وكراهيته جزء أصيل فى دستور جماعات الإرهاب المتأسلم، هم يعتبرون أن الفن يزاحم الدين على منطقة الوجدان، إذاً يجب نفيه من ذلك الوجدان، هم لا ينسون أن الفن والدين ولدا فى المعابد معاً وفى نفس الوقت وكان بينهما امتزاج وتداخل، يتغلب الخوف والفزع من أن يسحب الفن البساط من تحت أقدام الكهنوت، فيبدأ تدبيج ونسج ونشر نصوص الكراهية للفن وترسيخها وزرعها فى الأمخاخ المتأسلمة، بداية من الرصاص المصهور المغلى الذى يصب فى آذان من يستمع إلى الموسيقى، مروراً بالتماثيل الأصنام التى تغوى البشر لعبادتها واللوحات التى بها روح والتى ستنادى راسميها يوم القيامة متحدية أن يعيدوا إليها الروح!!، لذلك ليس غريباً وليست صدفة أن تجد الإخوان المسلمين ليس من بينهم فنان واحد ربع موهوب على أى مستوى وفى أى فرع فنى، هم صحراء جرداء فى هذا المجال، هم صفر مكعب فى مجال الفن، حتى خطاباتهم تقريرية جوفاء مملة تنقصها البلاغة والجاذبية ومحشوة بالرطانة والسماجة، هذا الشاب الذى ذهب إلى اللوفر ذهب محملاً بتلك الكراهية وذلك العداء للفن، هو لا يمثل الكراهية، هو فعلاً كاره لتلك اللوحات، معادٍ لتلك التماثيل، متى يشاهدها أو حتى يلمحها وكأن ناراً شبت فى جسده، هم استطاعوا سحق وجدانه وشطب أى إحساس بالجمال لديه حتى يصبح فى النهاية شخصاً يستمتع بنزف الرأس المقطوعة واليد المبتورة ويستلذ برائحة الجلد المحروق أو المرأة المغتصبة!!، لا بد من خلق حالة التبلد الوجدانى حتى يستطيع استكمال الطريق معهم، وليصبح إخوانياً مخلصاً أو قاعدياً داعشياً جهادياً بوكوحرامياً مطيعاً مؤمناً بمبادئهم الفاشية، ذهب إلى اللوفر معجباً بمن غطى تمثال حوريات البحر فى الإسكندرية، معتبراً من حطم تمثال طه حسين فى المنيا بطلاً مغواراً، مبجلاً مدرس الرسم الذى قال له إياك أن ترسم إنساناً فى الحصة فهذا كفر ولن يدخل بيتك ملاك طالما فيه لوحة!!، إذاً من العادى والطبيعى بل من المفروض أن يذهب إلى اللوفر ليلطخ اللوحات بالإسبراى ويحطم التماثيل بالساطور، ويتخيل أن اعترافه بهذا سيجعل الفرنسيين يسامحونه على مقتل الجندى أو إصابته!!، لا يعرف أن صدمة الفرنسيين فى تلطيخ لوحة الموناليزا أو تمزيقها أعظم من صدمتهم فى مقتل كتيبة عسكرية فرنسية!!، ذلك لأنهم شعب تربى على الجمال وتذوقه، شعب يحترم الإبداع ويقدره، يحتفى بريشة الرسام وإزميل النحات ولا تحتفى كتبه ومناهج دراسته بالجهادى حامل الساطور!!.

No comments:

Post a Comment