Translate

Thursday, February 16, 2017

د. عماد جاد - الديمقراطية والسعادة - جريدة الوطن - 17/2/2016

الديمقراطية هى شكل من أشكال الحكم، يتوافق عليه الشعب وتتبناه النخب الثقافية، والسياسية، والاقتصادية، يعنى ببساطة أن الشعب هو مصدر السلطات، هو صاحب السيادة، يعطى توكيلاً لشخص أو جماعة بتقلد المناصب العامة لفترة زمنية معينة مقابل مرتب محدد، فإن أجاد يمكن التجديد له فى موقعه لفترة زمنية يحددها دستور البلاد وقوانينها، وإن أخفق فلن يجدد له، أما إذا تجاوز الدستور والقانون فمآله المحاسبة وربما المحاكمة.
لا توجد الديمقراطية فى أى مجتمع، بل هناك مواصفات للمجتمع الذى يفرز حكماً ديمقراطياً، فالديمقراطية وإن كانت شكلاً من أشكال الحكم إلا أنها قيمة إنسانية فى الوقت ذاته، لا توجد بمفردها، بل تصاحب مجموعة من القيم الإنسانية الأخرى أبرزها الإيمان بالمساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الجنس، الدين، الطائفة، اللغة، الحرية، قبول التنوع والتعدد والاختلاف، الإيمان بحرية الرأى والتعبير، الإيمان بحرية الاعتقاد، فصل الدين عن السياسة، حيادية الدولة تجاه قضية الأديان، أى إن الدولة تقف على مسافة واحدة من كافة الأديان، فلا دين للدولة لأنها كائن اعتبارى، الدولة وظيفتها إسعاد المواطن على الأرض، أما دخول الجنة فهو مسئولية فردية فى علاقة الفرد بالخالق.
إذاً الديمقراطية شكل من أشكال الحكم توجد فى المجتمعات المؤمنة بالقيم الإنسانية الراقية، التى تقبل بمبدأ فصل الدين عن السياسة، فلا توجد دولة دينية ديمقراطية. وأثبتت الدراسات العلمية أن نظم الحكم الديمقراطية هى الأقدر على إرساء أسس الشفافية والمحاسبة، ومواجهة الفساد على أى مستوى من مستويات الدولة.
وكشفت دراسات حديثة عن أن شعوب الدول الأكثر ديمقراطية هى الأكثر سعادة من بين البشر، صحيح يمكن أن تكون هناك استثناءات محدودة وغير قابلة للتكرار لا ترتبط سعادة شعوبها بديمقراطية نظام الحكم، لكن تتوافر فيها أغلب القيم الإنسانية الراقية من حرية، عدالة، مساواة، أيضاً فإن ديمقراطية الدولة بمفردها ليست شرطاً كافياً لإسعاد شعبها، فهناك المكونات الثقافية ومدى تقاطعها مع القيم الإنسانية، إضافة إلى درجة التنمية الاقتصادية المتحققة، فمؤشر السعادة يرتبط على نحو كبير بمعدلات التنمية الاقتصادية المتحققة ومتوسطات دخل الفرد فى المجتمع المعنى.
وفق هذه الرؤية من الطبيعى أن تحتل دول غربية قمة هرم المجتمعات الأكثر سعادة فى العالم، فقد جاءت على النحو التالى: ١- سويسرا، ٢- أيسلندا، ٣- الدنمارك، ٤- النرويج، ٥- كندا، ٦- فنلندا، ٧- هولندا، ٨- السويد، ٩- نيوزيلاندا، ١٠- أستراليا.
أما المجتمعات الأكثر تعاسة على مستوى العالم فقد كانت جميعها غير ديمقراطية، فقيرة، أغلبها فى القارة الأفريقية، وجاءت على النحو التالى: ١- توجو، ٢- بوروندى، ٣- سوريا، ٤- بنين، ٥- رواندا، ٦- أفغانستان، ٧- بوركينا فاسو، ٨- ساحل العاج، ٩- غينيا، ١٠- تشاد، وبالمناسبة احتلت مصر المرتبة الخامسة والعشرين على هذا المقياس.

No comments:

Post a Comment