Translate

Thursday, February 2, 2017

د. عماد جاد - عن «٢٥ يناير» ومزاياها (٣) - جريدة الوطن - 3/2/2017

جنبت ثورة ٢٥ يناير البلاد سيناريو كارثياً وهو سيناريو الصدام بين مؤسسات الدولة المصرية على خلفية الموقف من مخطط التوريث الذى كان قاب قوسين أو أدنى من التحقق فى مايو ٢٠١١، جاءت الثورة لتطيح بهذا المخطط من ناحية وتجنب البلاد صداماً متوقعاً على أعلى المستويات. وفتحت المجال العام أمام دماء جديدة ومكونات نخبة جديدة، ونظراً لموروث نظام مبارك فقد كان فوز جماعة الإخوان وقرينها التيار السلفى بالانتخابات وهيمنة التيار الدينى على المشهد العام، متوقعاً؛ فمبارك، وعبر ثلاثة عقود، استهدف التيار المدنى ومزق النخبة المدنية عبر تقسيمها إلى ثلاث شرائح، الشريحة الأولى وقد نجح فى شرائها وتدجينها وباتت بوقاً له تتطلع إلى «ذهب المعز» إلى مناصب فى الدولة ثم جرى تجنيد هذه الشريحة من النخبة المدنية المصرية بكل أشكالها لتلتف حول الوريث وتشكل بطانته الجديدة، فقد كان مطلوباً للوريث رجال فكر وسياسة، ورجال أعمال، شكلوا معاً نخبة الوريث الجديدة المختلفة عمرياً فقط عن نخبة مبارك. أما الشريحة الثانية من النخبة المصرية فى جميع المجالات فقد تعرضت للتضييق الشديد ومن ثم التزمت الصمت وأصيبت مبكراً بأمراض الشيخوخة، وهناك الجزء الثالث من النخبة المصرية الذى رفض أن يكون من دراويش الوريث فقرر الرحيل إلى الخارج وتحديداً إلى دول الخليج العربى، ومنهم من فضل الاستقرار فى أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
وفى تقديرى أيضاً أن ثورة ٢٥ يناير وفى غضون أقل من عامين نجحت فى هدم جماعة الإخوان المسلمين تماماً لدى الرأى العام المصرى، فقد اكتشف المصريون أنها جماعة إرهابية منافقة لا قيمة لديها لوطن ولا وزن للوطنية المصرية، مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الوطن ولا حدود لديها لاستخدام السلاح واضطهاد المصريين، ميراث مبارك من الظلم والفساد والإفقار والتجهيل جعل جماعة الإخوان المسلمين جماعة حسنة فى عيون بسطاء المصريين بل غالبيتهم الساحقة، وكنا نعلم أنه فى أى انتخابات حرة سوف تفوز الجماعة بالأغلبية بعد أن تم تديين المجال العام فى البلاد ونشر نظام مبارك التفكير الغيبى فى المجتمع عبر وسائل التنشئة وتحديداً التعليم والإعلام ورجال الدين. بسبب ثورة ٢٥ يناير تعرف الشعب المصرى على الوجه الحقيقى للجماعة فلفظها وركلها خارج السلطة وخارج الضمير الوطنى أيضاً. وفى غضون سنوات خمس قضت ثورة الخامس والعشرين من يناير على الشق الأكبر من ميراث مبارك، فقد وضع أساس نظام سياسى تعددى، وبدأ حراك حقيقى فى المجتمع، والأكثر أهمية من كل ذلك هو أن ثورة الخامس والعشرين من يناير قضت على ظاهرة الحاكم بأمر الله، الحاكم نصف الإله كما قال بحق الرئيس السابق المستشار الجليل عدلى منصور. غيرت فى عمق المجتمع المصرى وبات المواطن المصرى مطلعاً على الشأن العام ومتابعاً له، ومهتماً بقضايا بلاده، ويكفى أن نشير إلى قضية تيران ومصنافير فرغم المحاولات المستميتة التى بذلتها الحكومة وإعلام النفاق ورجال كل زمان لتمرير سعودة الجزيرتين، فإن قطاعاً مهماً من النخبة المصرية رفض ذلك وتجاوب معه قطاع كبير من الرأى العام المصرى وانتهى الأمر إلى تجميد القضية برمتها، فقد فشلت الحكومة وأبواقها الإعلامية والفريق المجند من قِبل الأجهزة الأمنية فى المواقع المختلفة، فشلاً ذريعاً فى تمرير سعودة الجزيرتين. ونقول أيضاً إنه لولا «٢٥ يناير» ما كانت «٣٠ يونيو» التى جاءت بنخبة جديدة فى مواقع مختلفة وفتحت الباب أمام التغيير والتطوير.
وللحديث بقية.

No comments:

Post a Comment