Translate

Friday, February 17, 2017

خالد منتصر - حصان إبليس وحمار الكفار - جريدة الوطن - 18/2/2016

«صدر السماح (لفلان الفلانى) باستعمال السيكل (الدراجة) لظروفه إلى ذلك من بيته إلى الدكان وما عدا ذلك لا يكون له رخصة إلا بشغل لوالده بشروط أن لا يخرج عليه (بالليل) ولا خلف (البلاد) ولا يردف (يركب) عليه أحد ولا يؤجره ولا يدخل عليه وسط الأسواق»، هذا هو نص رخصة الدراجة التى كانت تمنحها هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى السعودية لراكب الدراجة التى كانوا يطلقون عليها «حصان إبليس»!!، وحتى لا أتهم بالتجنى على الوهابيين وفتاويهم العجيبة الغريبة ورعبهم وفزعهم من كل اجتهاد جديد والذى للأسف انتقل إلى البعض هنا فى مصر ممن تسلفنوا وتوهبنوا وباتوا يؤثرون فى الرأى العام والمزاج الدينى المصرى، لذلك فمرجعى سيكون الباحث سعود المطيرى وما كتبه فى صحيفة الرياض!، يقول «المطيرى»: أطلقوا عليه، أى السيكل، الدراجة «حصان إبليس» وكان يعتقد بعضهم أنه يدفع بواسطة شياطين الجن الذين «يتحالفون» مع سائقه حتى يثبتوه على ظهره أثناء سيره مقابل تنازلات ومعاهدات عقائدية، وشروط تمليها تلك الشياطين قبل خدمته، بل إنه هو شيطان مخلوق من عظام، الأمر الذى جعلهم يتعوذون بالله منه سبع مرات، ويأمرون نساءهم بتغطية وجوههن عنه، وإذا لامس شيئاً من أجسادهم أعادوا الوضوء إن كانوا على طهارة، ويقفزون إثره إذا ما وجدوها أمامهم على الأرض بعد أن يبصقوا عليها، ودخل عند بعضهم ضمن المحذورات التى لا تقبل شهادة مرتكبها»!، وكان من الشتائم الرهيبة والسباب الفاحش المنتشرة وقتها «راكب السيكل»، ويخبرنا «المطيرى» كيف تم حل المشكلة بقوله: أما الذين قبلوا به بعد ذلك كـ«شر لا بد منه» فقد تعاملوا معه بحذر واستحياء، وقصروا استعماله على البالغين بشروط صارمة وثَّقتها نماذج من رخص السير الرسمية التى كانت تصدر حينذاك عن طريق هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر «النواب» فى بعض المدن فى السبعينات الهجرية، التى لا تعطى إلاّ بعد أن يقدم شهادة تزكية واستقامة من إمام وجماعة المسجد، على أن يقتصر استخدامه فى ساعات النهار فقط، وأن لا يحمل عليه شخصاً آخر -فى إشارة إلى صغار السن- وفرضوا عليه ضريبة سير فى بعض مدن نجد وكانت عقوبة من يستخدمه دون رخصة الجلد ومصادرة «السيكل»، ولكن فى بعض المدن مثل الرياض وجدة كانت تصدر من المرور (قلم المرور) بشروط أخف، ويلزم اعتمادها وتوقيعها من أعلى سلطة عسكرية وهو «مدير الأمن العام»، ومن أشهر القصص ما رواه أحد كبار السن لعريس كان والد زوجته يحتجزها بمبلغ متبقٍ من مهرها، فخطط للهرب بها خارج البلدة بعد الاتفاق معها إلى مكان عمله فى «شركة الجبس» بالرياض بعد ثلاثة أشهر من الزواج، واستخدم لتنفيذ خطته عجلة أحضرها معه وأخفاها بالقرب منهم؛ لكن والدها عندما سمع صيحات النجدة من والدتها قفز على ظهر «بعير» ولحق به لتستمر المطاردة إلى منتصف الليل، حتى تمكن من القبض عليه وتكتيفه بحبل، وفى صباح اليوم التالى اقتاده إلى شيخ البلدة وطالب بخلعها منه، وكانت حجته أنه رجل «مارق» وأنه يركب «حمار الكفار»!.
هذه ليست قصصاً للتسلية وليست من تأليفى ولكنها قصص للعبرة وللعظة بأن التغيير هو الثابت الوحيد فى هذا الكون وأن تحنيطنا فى فتاوى الماضى لن يدفعنا إلى مقدمة الحضارة بل إلى قاع التخلف.

No comments:

Post a Comment