Translate

Thursday, February 2, 2017

خالد منتصر - رسول حمزاتوف رسول الصداقة - جريدة الوطن - 3/2/2017

الترجمة فن مستقل وإبداع إضافى، وليست مجرد نقل من قاموس، أحياناً تكون أمانة، وأحياناً تكون خيانة!، ومنذ فترة طويلة وأنا أبحث عن ترجمة أمينة للشاعر الرائع الجميل العبقرى رسول حمزاتوف، عثرت على ضالتى فى كتاب مهم من الإصدارات القديمة لوزارة الثقافة السورية رحمها الله، التى كانت تصدر ترجمات هى كالكنوز فى مجالات الشعر والمسرح والسينما، هذا الشاعر الداغستانى القوقازى المحلى جداً العالمى والإنسانى جداً جداً، يأسرك ويأخذ بتلابيبك ويسحرك منذ أول بيت، لغته وكأنها مقتبسة من السماء، منحوتة وكأنها مروج وجبال ووديان ذلك البلد الأسطورى القوقاز، لذلك فالحصول على ترجمة الروح لا الكلمات يعتبر ثروة تستحق الاحتفاء، يحتل ثلاثى الوطن والحب والصداقة صدارة المشهد فى أشعار «حمزاتوف»، من الممكن أن أكون قد قرأت عن الوطن والحب أشعاراً كثيرة على المستوى نفسه، لكن فى تمجيد قيمة الصداقة بالذات لم أقرأ مثل ما كتبه رسول حمزاتوف الذى عاش ثمانين عاماً لم يغب أو يهجر يوماً قلمه وكراسته وحبه للحياة وللأصدقاء، اخترت لكم من مختاراته قصيدة بعنوان «احفظوا الأصدقاء»، يقول فيها:
أيها الناس نحن نشيخ ونهرم/ ومع مرور الأيام والأعوام/ من السهل علينا إضاعة الأصدقاء/ أما الحصول عليهم فأصعب بكثير
■■■■
إن جرح حصانك المخلص قدمه/ إن تعثر فجأة ثم تعثر من جديد/ لا تلمه، بل وجه اللوم للطريق/ ولا تتسرّع بالاستغناء عنه
■■■■
أيها الناس أرجوكم، بالله عليكم/ لا تخجلوا من طيبتكم / فالأصدقاء على هذه الأرض قليلون/ احذروا إضاعتهم
■■■■
كانت لى قوانينى المختلفة/ واعتبرت الطيبة ضعفاً/ كم أضعت فى حياتى أصدقاء/ وكم من الأصدقاء استغنى عنى!
■■■■
بعدها جرى لى ما جرى/ وفى طريقى شديدة الانحدار/ كم ندمت وكم كنت بحاجة/ لأولئك الأصدقاء الذين أضعتهم
■■■■
والآن أنا متعطش لرؤيتكم جميعاً/ يا من أحببتمونى مرة/ يا من لم أصفح عنكم مرة/ يا من لم تسامحونى مرة
ويقول فى قصيدة «وداع»:
وقفت على درج القطار/ ومددت بمرح يدى مودعاً صديقى/ مع الفرح والضحك ودّع أحدنا الآخر/ وها أنا أرى من نافذتى أعمدة الهاتف تتسابق/ غنيت وغنيت وفجأة صمت/ هاجمنى الحزن متأخراً
ولفنى حنين إلى ذلك الصديق/ أصبحت لا أرى دخاناً ولا أسمع صفيراً/ لا جبال ولا شواطئ حولى/ بل وجه صديقى خلف زجاج النافذة.
ويكتب «حمزاتوف» تحت عنوان «إن كنت صديقى»:
إن كنت صديقى، فها هو مدخل بيتى/ ينتظرك مبعداً كل الضباب عن طريقك/ إن كنت مريضاً من شدة العطش / فها هو نهرى - أصبح لك/ حتى إن غطت الظلمة ساحة منزلى/ سأستقبلك ما إن تعطنى إشارة/ ها هو ذا خبزى وورودى ونبيذى/ كل ممتلكاتى - لك يا صديقى/ إن بدأت تذوب كشمعة/ لاعناً الجراح والمرض / سآتيك بالطبيب حالاً وسأقدم لك دمى يا صديقى/ إن سقط حصانك فها هو حصانى مسرج/ أقفز إليه مسابقاً الريح وفى أحلك الأيام / ابق لى صديقاً وفياً مخلصاً/ إن كنت ممتطياً حصانى أو كنتُ تحته.
انتهت اقتباسات «حمزاتوف»، لكن عليك أن تبدأ فى إحصاء كم شطبت من أجندتك وقائمة تليفونك من الأصدقاء، حاول أن تُضمد جراحات صداقاتك، فقد افتقدنا الونس والرفقة.

No comments:

Post a Comment