Translate

Monday, February 13, 2017

د. عماد جاد - اختراق مؤسسات الدولة - جريدة الوطن - 12/2/2017

اكتشفنا فى سنة حكم المرشد والجماعة كمّ الاختراق الذى حدث لمؤسسات الدولة المصرية من قبَل جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة، فقد حفلت مؤسسات الدولة المختلفة بكمّ هائل من الخلايا التابعة للجماعة، خلايا ظلت نائمة فى قلب مؤسسات الدولة المصرية، تقدم أدق المعلومات للجماعة وتنقل لها التحركات، كل حسب مكانه وموقعه. هناك مؤسسات خضعت للجماعة بشكل كامل، بل جرى تسليمها للجماعة، مثل مؤسسة التعليم، فقد سيطرت الجماعة على العملية التعليمية بالكامل، بدءاً من تأليف الكتب، لا سيما تلك الخاصة باللغة العربية والتاريخ، وصولاً إلى المناصب العليا فى الوزارة، مروراً بالمعلمين. سيطروا على العملية التعليمية برمتها، ومن ثم بات التعليم إحدى أهم أدوات التنشئة التى تستخدمها الجماعة فى تهيئة النشء المصرى للتعاطف معها منذ البداية. تأتى بعد ذلك بيروقراطية الدولة لمصرية، أى موظفو المؤسسات والمصالح الحكومية على مختلف مستوياتها، فهى مؤسسات غارقة فى مظاهر التدين الشكلى، ويكفى أن تذهب إلى مصلحة من المصالح الحكومية حتى تعرف كمّ الاستغراق فى التدين الشكلى واستخدام الدين كمبرر للتهرب من العمل، فضلاً عن ممارسة التطرف والتشدد والتعصب بحق المغاير ووضع العقبات أو العراقيل فى وجهه، وكأن فى ذلك كسباً للحسنات.
لم يسلم الجهاز القضائى المصرى من الاختراق، ففى أحاديث بعض القضاة ما يكشف عن حالة من التعصب والتطرف والتشدد لا تليق برجل يحكم بموجب القانون، فلديه انحيازات مسبقة تنعكس فيما يصدر من أحكام، فيجرى تبرئة المتهم وإدانة البرىء وفق هوى القاضى وانحيازاته الفكرية والدينية، وهناك عشرات الأحكام التى تمثل عنواناً صارخاً للتمييز والتطرف، أحكام بالسجن على أطفال، وحفظ تحقيقات، وبراءة لمجرمين وقتلة.
حتى وزارة الداخلية لم تسلم من الاختراق، فقد شهدنا فى سنة حكم المرشد والجماعة ظاهرة الضباط الملتحين الذين طالبوا بالترخيص لهم بإطلاق اللحية، وشهدنا عشرات وقائع الخيانات الداخلية وتقديم معلومات عن تحركات الزملاء للجماعات المتطرفة كى تتولى تصفيتهم.
حاولوا اختراق المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية السيادية، حققوا بعض النجاح فى جهاز الأمن الوطنى، وفشلوا فى تحقيق ذلك فى مؤسسة الجيش والمخابرات العسكرية والعامة، لذلك ضغطوا من أجل إلحاق شبابهم بكليات الشرطة والكليات العسكرية، وهو الأمر الذى انتهى بقيام ثورة الثلاثين من يونيو، حيث جرى بعدها على الفور طرد شباب الجماعة من كلية الشرطة والكليات العسكرية.
وإذا كان المرشد قد رحل وحكمه قد سقط، فإن أنصاره وخلاياه فى مؤسسات الدولة لم يسقطوا معه، فهناك خلايا عادت للنوم مجدداً فى مؤسسات الدولة المصرية تقوم حالياً بعمليات تخريب داخلى وتقدم معلومات دقيقة وحساسة للجماعة، وهو الأمر الذى يقف خلف ظاهرة تسريب تسجيلات من وزارات سيادية لعل أحدثها ما تم مع وزير الخارجية، حيث جرى على مدار الأسبوعين الماضيين تسريب مكالمتين لوزير الخارجية، الأولى مع رئيس الجمهورية والثانية مع المستشار القانونى لرئيس الوزراء الإسرائيلى، إسحق مولخو، وبدا واضحاً أن التسريب الذى بثته قناة «مكملين» الإخوانية التى تبث من قطر والذى احتفت به قناة الجزيرة وأعادت بثه، جاء عبر وضع أجهزة تسجيل داخل مكتب وزير الخارجية. تكمن مشكلة التسريبين الأخيرين لوزير الخارجية فى وجود أجهزة تسجيل وتنصت داخل مكتب الوزير، فهو أمر غير مسبوق فى دولة مثل مصر، لا مشكلة فى محتوى التسجيلين، فمحتواهما أمر معتاد فى شئون إدارة السياسة الخارجية للبلاد وفى طبيعة الاتصالات مع دول الجوار، لكن الخطر الأكبر هو اختراق وزارة سيادية كوزارة الخارجية التى تدار منها سياسة مصر الخارجية، وتجرى عبر مكتب الوزير عشرات المكالمات الإقليمية والدولية التى يحمل بعضها أسراراً لا يجوز إتاحتها، فمتى يجرى تطهير مؤسسات الدولة المصرية بالكامل؟

No comments:

Post a Comment